الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تقوي يقينك بالله

الْأفْضَلُ لَكَ أَنْ تُقَوِّي يَقِينَكَ بِاللهِ

مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى أَنْ جَعَلَ الْحَسَنَةَ الْوَاحِدَةَ تُذْهِبُ عَدَدًا مِنَ السَّيِّئَاتِ، وَمِنَ الْحَسَنَاتِ مَا تَرْفَعُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ لِصَاحِبِهَا وَتَـمْحُو عَشْرَ سَيِّئَاتٍ لِصَاحِبِهَا، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [سورة هود/114].

وَمِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَينَا أَنْ جَعَلَ الْـحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ لِلْمُؤْمِنِ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا الْعَبْدُ مُخْلِصًا للهِ تَعَالَى فِي نِيَّتِهِ لَا يُشْرِكُ فِيهَا أَحَدًا غَيْرَ اللهِ، أَيْ لَا يَطْلُبُ بِهَذِهِ الْحَسَنَةِ مـَحْمَدَةَ النَّاسِ وَلَا أَنْ يَنْظُرُوا إِلَيْهِ بِعَيْنِ الْإِجْلَالِ وَالْإكْرَامِ وَكَانَتْ مُوَافِقَةً لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ تُكْتَبُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَقَدْ تُضَاعَفُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ لِـجُلَسَائِهِ: "أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ ألْفَ حَسَنَةٍ؟"، فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أحَدُنَا ألْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: "يُسَبِّحُ أحَدُكُمْ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، تُكْتَبُ لَهُ ألْفُ حَسَنَةٍ، وَتُحَطُّ عَنْهُ ألْفُ سَيِّئَةٍ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
فَكُلُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ للهِ مُخْلِصًا فِي نِيَّتِهِ فَإِنَّ لَهُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، هَذَا أَقَلُّ مَا يُكْتَبُ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ يُضَاعِفُ اللهُ تَعَالَى الْحَسَنَةَ الْوَاحِدَةَ لِمَنْ يَشَاءُ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَيَزِيدُ مَنْ شَاءَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. قَدْ تُكْتَبُ الْحَسَنَةُ الْوَاحِدَةُ بِمائةِ ألْفِ حَسَنَةٍ، وَقَدْ تُكْتَبُ بِألْفِ ألْفٍ عَلَى حَسَبِ حُسْنِ عَمَلِ الشَّخْصِ وَقُوَّةِ يَقِينِهِ وَصِدْقِ نِيَّتِهِ. مِنْ هُنَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ ألْفِ دِرْهَمٍ" قِيلَ: كَيْفَ ذَلِكَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "رَجُلٌ تَصَدَّقَ بمِائةِ ألْفٍ مِنْ عُرْضِ مَالِهِ وَرَجُلٌ لَيْسَ لَهُ إلّا دِرْهَمَانِ تَصَدَّقَ بِأحَدِهِمَا". فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصْطَفَى ﷺ أَنَّ هَذَا الَّذِي يَـمْلِكُ دِرْهَمَيْنِ فَقَطْ فَتَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى دَليلٌ عَلَى صِدْقِ نِيَّتِهِ وَقُوَّةِ يَقِينِهِ فَبِذَلِكَ زَادَ أَجْرُ هَذَا الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ عَلَى أَجْرٍ مِائَةِ ألْفِ دِرْهَمٍ يَتَصَدَّقُ بِهَا الرَّجُلُ الْمُوسِرُ الْغَنِيُّ مِنْ عُرْضِ مَالِهِ أَيْ تَكُونُ الـمِائَةُ ألْفٍ بالنِّسْبَةِ إِلَى كَثْرَةِ مَالِهِ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ. فَهَذَا الَّذِي تَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ زادَ عَلَيْهِ بقُوَّةِ الْيَقِينِ؛ لِأَنَّه لَوْلَا قُوَّةُ الْيَقِينِ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ والثَّوَابِ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَإقْبالِ قَلْبِهِ عَلَى الْآخِرَةِ لَا يَتَصَدَّقُ بِنِصْفِ مَا يَمْلِكُهُ، فَلِذَلِكَ زَادَ أجْرُ هَذَا الدِّرْهَمِ عَلَى أجْرِ الـمِائَةِ ألْفِ دِرْهَمٍ. وَهَكَذَا سَائِرُ الْأَعْمَالِ الصَّالِـحَةِ الَّتِي يَعْمَلُهَا الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَتَفَاوَتُ الْأَجْرُ فِيهَا عَلَى حَسَبِ قُوَّةِ الْيَقِينِ وَصِدْقِ النِّيَّةِ وَحُسْنِهَا وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَثْبُتُ لِأحَدٍ إلّا بالثَّبَاتِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَيْ بتَجَنُّبِ الْكُفْرِيَّاتِ القَوْلِيَّةِ والفِعْلِيَّةِ والاعتِقَادِيَّةِ وَبِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ للهِ تَعَالَى وَبِـمُوَافَقَةِ الْعَمَلِ لِشَرْعِ اللهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّهُ ﷺ.
نَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ الْكَرِيمَ أَنْ يُـمَتِّعَنَا بِحَلَاوَةِ ذِكْرِهِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا فَضْلَهُ وَرِضْوَانَهُ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.