الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تصل رحمك

الأفضلُ لكَ أن تصِلَ رحمَكَ

سَأَلَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلًا: يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَقَالَ: أَطْعِمِ الطَّعَامَ وَصِلِ الأَرْحَامَ وَصَلِّ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ" رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ. خصالٌ عظيمةٌ حثَّنا على العملِ بها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وهي سببٌ لحصولِ الثوابِ والفوزِ بالسلامةِ ورضوانِ اللهِ والترقي في المقاماتِ العليةِ،

بل فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ أَخَذَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِدُونِ عَذَابٍ وَكان مِنْ جملتِها صلةُ الأرحامِ، خصلةٌ علَّمنا إياها بالحالِ والمقالِ، وعُرِفَ بها بينَ القريبِ والبعيدِ.
فهذا رسولُ اللهِ محمدٌ أولَ ما نزلَ عليهِ جبريلُ بالوحيِ ذكرَ ما قد رءاهُ من نزولِ الملكِ عليهِ لخديجةَ وقالَ لها: واللهِ "لَقد خَشِيتُ عَلَى نَفسِي" فَقَالت لَهُ خَدِيجَةُ: اثبتْ يا ابنَ عمِّ وأبشِرْ، إنكَ لتصلُ الرحمَ، وتصدُقُ الحديثَ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيفَ، وتُعينُ على النوائبِ.
فَالأَرْحَامُ هُمْ قَرَابَةُ الشَّخْصِ إِنْ كَانُوا مِنْ جِهَةِ الأَبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الأُمِّ، وَمَنْ قَطَعَ وَاحِدًا مِنْهُمْ اسْتَحَقَّ عَذَابَ اللهِ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَالْمَعْنَى أَنَّ قَاطِعَ الرَّحِمِ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَعَ الأَوَّلِينَ.
وَمَعْنَى أَنْ يَصِلَ الشَّخْصُ رَحِمَهُ أَنْ يَزُورَ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْ أَقَارِبِهِ وَيُرَاسِلَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ زِيَارَتَهُ وَالإِحْسَانُ إِلَى الْمُحْتَاجِ مِنْهُمْ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ أَرْحَامَهُ فَلا يَزُورُهُمْ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي الْعِيدَيْنِ وَلاَ عِنْدَ الْمَصَائِبِ وَلاَ فِي الأَفْرَاحِ وَلاَ فِي غَيْرِهَا بَلْ تَمْضِي مُدَّةٌ يَشْعُرُ الْقَرِيبُ فِيهَا بِالْجَفَاءِ بأنّهُ أهمَلهم بأنه لا يبالي بهم، فَمَنْ فَعَلَ هَذَا يُقَالُ لَهُ: قَاطِعٌ. فلا تُقصِّروا في هذه الطاعةِ العظيمةِ. أقبلوا إلى الخيراتِ. إياكم والوقوعَ في المعاصي والآثامِ، فإنَّ الكتبَ يومَ القيامةِ تحوي حتى النظراتِ.
إِنَّ زِيَارَةَ الأَقَارِبِ الَّذِينَ لا يَزُورُونَكَ لَيْسَتْ مَهَانَةً وَمَذَلَّةً بَلْ خَصْلَةُ خَيْرٍ وَعَمَلُ طَاعَةٍ للهِ تَعَالَى، فَاحْرِصْ عَلَى زِيَارَتِهِمْ وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَاللُّطْفِ وَاعْمَلْ عَلَى إِعَانَتِهِمْ فِي فِعْلِ الْخَيْرَاتِ. نسألُ اللهَ تباركَ وتعالى أن يرزقَنا حسنَ الحالِ وحسنَ المآلِ والوفاةَ على كاملِ الإيمانِ.