الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تكون من المفلحين

الْأفْضَلُ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ

أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ وَجَعَلَهُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْفَلَاحِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اِرْكَعُوا وَاُسْجُدُوا وَاُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَاِفْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [سورة الحج/77].

فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ صَدَّقُوا اللهَ وَرَسُولَهُ بِأَنْ يَرْكَعُوا للهِ فِي صَلَاتِهِمْ وَيَسْجُدُوا لَهُ فِيهَا، وَأَنْ يَعْبُدُوا رَبَّهُمُ اللهَ الْمَوْجُودَ الْأَزَلِيَّ الَّذِي لَا اِبْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَلَا اِنْتِهاءَ وَلَا يَكُونُ إلّا مَا يُرِيدُ وَيَحْكُمُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ. ثُمَّ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ بَلْ جَعَلَهُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْفَلَاحِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاِفْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [سورة الحج/77]. وَالْخَيْرُ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ يَشْمَلُ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ، فَطَاعَةُ اللهِ خَيْرٌ وَالْإحْسَانُ إِلَى النَّاسِ خَيْرٌ وَالْإِخْلَاصُ والنِّيَّةُ الطَّيِّبَةُ خَيْرٌ، وَإمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ خَيْرٌ، وَغِرَاسُ الْأَشْجَارِ خَيْرٌ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ خَيْرٌ، وَالْاسْتِزَادَةُ مِنَ الْعِلْمِ خَيْرٌ.
إِنَّ الْقَلِيلَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ مَقْبُولٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، يَقُولُ اللهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [سورة الزلزلة/7]. وَالْمَعْنَى أَنَّ أَيَّ فِعْلٍ مَهْمَا كَانَ قَلِيلًا، حَتَّى لَوْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فَإِنَّ اللهَ يَجْزي العَبْدَ عَلَى عَمَلِهِ، ويَرَى نَتِيجَةَ فِعْلِهِ. فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ: "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
إِنَّ فِعْلَ الْخَيْرِ هُوَ الزَّادُ الْـحَقِيقِيُّ الَّذِي يَنْفَعُ الْإِنْسَانَ فِي يَوْمٍ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ﴾ [سورة البقرة/110].
بَادِرُوا فِي اغْتِنَامِ حَيَاتِكُمْ قَبْلَ فَنَائِهَا، وَأَعْمَارِكُمْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَالْإكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَإِنَّ الْفُرَصَ لَا تَدُومُ، وَالْعَوَارِضَ الَّتِي تُحُولُ بَيْنَ الْإِنْسانِ وَبَيْنَ الْعَمَلِ كَثِيرَةٌ وَغَيْرُ مَأْمُونَةٍ. يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.اللَّهُمَّ لَكَ الْـحَمْدُ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلامِ والإيـمَانِ وَلَكَ الْـحَمْدُ أَنْ جَعَلْتَنَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ.