الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تتحرّى الصّدق

الْأفْضَلُ لَكَ أَنْ تَتَحَرَّى الصِّدْقَ

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة التوبة/119] اللهُ يَأْمُرُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَتَّقُوهُ يَعْنِي فِي جَمِيعِ الْأَحْوالِ؛ لِأَنَّ تَقْوَى اللهِ أَسَاسُ كَلِّ خَيْرٍ وَهِي سَبَبُ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهِي جِمَاعُ الْخَيْرِ، فَإِنَّ التَّقْوَى تَشْمُلُ أَدَاءَ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْإِخْلَاصَ للهِ تَعَالَى فِي الْعَمَلِ وَالْوُقُوفَ عِنْدَ حُدودِ اللهِ.

ثُمَّ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة التوبة/119]، الصِّدْقُ مِنَ التَّقْوَى وَالْكَذِبُ ضِدُّ التَّقْوَى، فَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ بالصِّدْقِ فِي قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ وَمَنْهِيٌّ عَنِ الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ وَلِهَذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة التوبة/119]، فَهُوَ تَأْكِيدٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَلْزَمُوا الصِّدْقَ. بَلْ قَالَ بَعْضُ أهْلِ التَّفْسِيرِ: إِنَّ اللَّفْظَ أَعَمُّ مِنْ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَلَكِنْ يَشْمُلُ الصِّدْقَ فِي النِّيَّةِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ. فَالنَّاسُ فِي أَشَدِّ الْـحَاجَةِ إِلَى الصِّدْقِ فِي أَقْوَالـِهِم وَأَعْمَالِـهِمْ وَتَصَرُّفَاتـِهِم ومُعَامَلَاتـِهِم، وَمَتَى دَخِلَ الْكَذِبُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ فَسَدَ الْمُجْتَمَعُ وَسَادَتِ الْفَوْضَى، وَلِهَذَا يَقُولُ سُبْحَانَه وَتَعَالَى: ﴿قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)﴾ [سورة المائدة] هَذَا جَزَاءُ الصَّادِقِينَ فِي أَقْوَالـِهِم وَأَعْمَالـِهِم الـجَنَّةُ وَالْكَرَامَةُ والسَّعَادَةُ وَالرِّضَا مِنَ اللهِ. فيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ فِي سَائِرِ أَعْمَالِهِ، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الـجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا" أَيْ فُلَانٌ يُلَازِمُ الصِّدْقَ وَإِنَّ ذَلِكَ يُقَرِّبُ إِلَى الـجَنَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ أهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ: ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ إِنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْ بِـمُجَرَّدِ الصِّدْقِ وَلَكِنْ أَمَرَ بِأَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّادِقينَ وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ صُحْبَتَهُمْ فِي الْحَالِ، وَأَنْ نَتَّصِفَ بِـمَا اتَّصَفُوا بِهِ. وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كَمَا جَاءَ فِي حَديثِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ: "لَا تُصَاحِبْ إلّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إلّا تَقِيٌّ" وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسانَ إِذَا صَاحَبَ الْمُؤْمِنَ التَّقِيَّ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ أَنْ يُصَاحِبَ الْمُؤْمِنَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ تَقِيٍّ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُصَاحِبُ التَّقِيَّ يَكْتَسِبُ مِنْهُ تَرَقِّيًا فِي دِينِهِ. عَلَيْكَ أَنْ تَتَحَرَّى الصِّدْقَ وَالْإِخْلَاصَ فِي أَعْمَالِكَ وَأَقْوَالِكَ وَأَنْ تَحْذَرِ الْكَذِبَ فِي أَقْوَالِكَ وَأَعْمَالِكَ، نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مَعَ الصَّادِقينَ.