الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك إن كان جُنح الليل

الأفضل لك إن كان جُنح الليل

عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا ءانِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ" رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ.

هذا الحديثُ أدبٌ مِنَ الآدابِ النبويةِ لكن تركَهُ الناسُ اليومَ فلا يعرفُهُ إلا القليلُ مِنَ المسلمينَ، ومعناهُ أنهُ ينبغي منعُ الصبيانِ مِنَ الخروجِ مِنَ المنزلِ أولَ الليلِ إلى أن تمضيَ ساعةٌ؛ لأنَّ الشياطينَ الجنَّ الكفارَ تنتشرُ في الشوارعِ وأماكنَ أخرى في هذه الساعةِ في أولِ الليلِ، فإذا صادَفُوا الصغارَ يكونُ ذلكَ سببًا لإيذاءِ هؤلاءِ الصغارِ. والجنُّ الكفارُ هم على أذى الصغارِ أقوى مِنْ أذى الكبارِ.
كما علَّمنا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ مما ينفَعُنا أنهُ إذا أجفَيْنا أي أطبَقْنا البابَ أو رددناهُ أو أغلقناهُ أن نسميَ اللهَ، فمن أغلقَ البابَ وسمى اللهَ تعالى الشيطانُ لا يفتحُ لا يجعلُ اللهُ لهُ قدرةً على فتحِ هذا البابِ صارَ حجابًا بينَهم وبينَ هذا البابِ بسببِ هذه التسميةِ "بسمِ اللهِ" عندَ إغلاقِ البابِ.
قالَ الإمامُ النوويُّ رحمَهُ اللهُ: هذا الحديثُ فيهِ جملٌ مِنْ أنواعِ الخيرِ والأدبِ الجامعةِ لمصالحِ الآخرةِ والدنيا، فأمرَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ بهذه الآدابِ التي هي سببٌ للسلامةِ مِنْ إيذاءِ الشيطانِ، وجعلَ اللهُ عزَّ وجلَّ هذهِ الأسبابَ أسبابًا للسلامةِ مِنْ إيذائِه، فلا يقدرُ على كشفِ إناءٍ، ولا حلِّ سقاءٍ، ولا فتحِ بابٍ، ولا إيذاءِ صبيٍّ وغيرهِ إذا وُجدتْ هذه الأسبابُ.
وفي هذا الحديثِ الحثُّ على ذكرِ اللهِ تعالى في هذه المواضعِ، ويُلحقُ بها ما في معناها، قالَ أصحابُنا: يُستحبُّ أن يُذكرَ اسمُ اللهِ تعالى على كلِّ أمرٍ ذي بالٍ، وكذلكَ يحمدُ اللهُ تعالى في أولِ كلِّ أمرٍ ذي بالٍ، للحديثِ الحسنِ المشهورِ فيهِ .
ويقولُ ابنُ بطالٍ: أخبرَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أن الشيطانَ لم يُعطَ قوةً على شىءٍ من ذلكَ، وإن كانَ أُعطيَ ما هو أعظمُ منهُ، وهو دخولُهُ في الأماكنِ التي لا يقدرُ الآدميُّ أن يدخلَ فيها. ثم هذه الأوامرُ الواردةُ في الحديثِ محمولةٌ على الندبِ والإرشادِ عندَ أكثرِ العلماءِ، كما نصَّ عليهِ جماعةٌ مِنْ أهلِ العلمِ، منهم ابنُ حجرٍ في "فتح الباري". لذلكَ أذكارُ الصباحِ والمساءِ دائما اقرؤوها وحصِّنوا أطفالَكم، حفِظَنا اللهُ وإياكم مِنْ كلِّ سوءٍ.