الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تُحِبَّ في الله

الأفضلُ لكَ أن تحبَّ في اللهِ

من كانَ في الدنيا مؤمنًا مستعدًا عاملًا بالخيراتِ والمبراتِ الواجباتِ وغيرِها يكونُ مِنَ الفائزينَ في ذلكَ اليومِ العظيمِ، ناجيًا مِنْ عذابِ اللهِ، يُحشرُ طاعمًا راكبًا كاسيًا محفوظًا من أذى حرِّ الشمسِ يومَ القيامةِ؛ لأنَّ الشمسَ يومَ القيامةِ تدنو من رؤوسِ العبادِ، تكونُ أقوى حرارةً لقربِها من رؤوسِهم فيلحقُ أذًى كبيرٌ لبعضِ الناسِ،

أما البعضُ الآخرونَ وهم عبادُ اللهِ الصالحونِ هؤلاءِ في أمانٍ، يكونونَ في مكانٍ يُظلُّهمُ اللهُ في ظلِّ العرشِ لا يلقونَ أذًى من حرِّ الشمسِ، فهم في راحةٍ كالذينَ ذكرَهمُ الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في حديثهِ المشهورِ الذي رواهُ البخاريُّ وغيرُهُ: "سبعةٌ يُظلُّهمُ اللهُ في ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّهُ إمامٌ عادلٌ وشابٌ نشأَ في عبادةِ اللهِ عزَّ وجلَّ ورجلٌ قلبُهُ معلّقٌ بالمساجدِ ورجلانِ تحابَّا في اللهِ اجتَمَعَا عليهِ وافترقا عليهِ" إلى ءاخرِ الحديثِ.
فالتحابُّ في اللهِ سببٌ في كونِ المؤمنِ في ظلِّ العرشِ يومَ القيامةِ وهو مِنَ الأمورِ التي تُوصلُ إلى محبةِ اللهِ، وقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: "تصافَوا الحبَّ في اللهِ".
ومن معاني التحابِّ في اللهِ أن يتعاونَ المسلمُ مع أخيهِ على ما يحبُّ، ينصحُهُ ولا يغشُّهُ ولا يداهنُهُ ولا يخدعُهُ، ينهاهُ عن الشرِّ ولا يُزينُ له المعصيةَ ويبذلُ له النصحَ، يتعاونانِ على الطاعاتِ يحبُّ له ما يحبُّ لنفسهِ أي الخيرُ الذي يحبُّهُ لنفسهِ يحبهُ لأخيهِ، والشرُّ الذي يكرهُهُ لنفسهِ مما هو شرٌّ في شرعِ اللهِ يكرهُهُ لأخيهِ، وهذا الأمرُ هو الكمالُ للمسلمِ، المسلمُ لا يكونُ مؤمنًا كاملًا أي في الدرجةِ العليا إلا إذا كانَ بهذهِ الصفةِ أي يحبُّ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسهِ مِنَ الخيرِ.
قد وصفَ النبيُّ هؤلاءِ الذينَ تحابوا في اللهِ بأن وجوهَهم نورٌ على منابرَ من نورٍ يفرحُ لهم النبيونَ والشهداءُ لِما لهم من الفضلِ والمنْزلةِ.
وعن أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ أن رجلًا كانَ عندَ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فمرَّ رجلٌ بهِ فقالَ: يا رسولَ اللهِ إني لأحبُّ هذا، فقالَ له النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: أأعلمتَهُ؟ قالَ: لا، قالَ: أعلِمْهُ، فلحقَهُ فقالَ:" إني أحبكَ في اللهِ" فقالَ: أحبكَ اللهُ الذي أحببتني لهُ" رواهُ ابو داودَ.
فمن أعظمِ ما يكتسبُهُ الإنسانُ في الحياةِ الدنيا وأنفعِهِ في الآخرةِ محبةُ المسلمِ لأخيهِ المسلمِ، المحبةُ التي فيها التعاونُ على ما يُرضي اللهَ، ليسَ المرادُ التحابَّ على الهوى، بسببِ هذه المحبةِ التي فيها التعاونُ على ما يُرضي اللهَ يكونُ صاحبُها في ظلِّ العرشِ يومَ القيامةِ، ذلكَ اليومَ الذي ليسَ فيهِ بيتٌ ولا جبلٌ ولا شجرٌ ولا كهفٌ، إنما يُظلُّ المؤمنَ في ذلكَ اليومِ عملُهُ الصالحُ. ومن جملةِ العملِ الصالحِ الذي يُظلُّ صاحبَهُ في ذلكَ اليومِ التحابُّ في اللهِ. اللهمّ أجِرْنا مِنْ حرِّ الشمسِ في ذلكَ اليومِ العظيمِ واجعلنا مِنَ المتحابينَ المتناصحينَ يا أرحمَ الراحمينَ.