الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تستعينَ بالصّمتِ على أمرِ دينِك

الأَفْضَلُ لَكَ أَنْ تُطِيلَ الصَّمْتَ

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلّا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّهُ مَرَدَّةٌ لِلشَّيْطَانِ عَنْكَ وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ" هَذِهِ الوَصِيَّةُ مَنْ عَمِلَ بِهَا فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا.

فَعَلَى الـمُسْلِمِ أَنْ يَعْمَلَ بِهَذَا الحَدِيثِ وَأَنْ لَا يُبَالِيَ إذَا حَضَرَ مَـجْلِسًا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ فِيهِ إنْ أَطَالَ الصَّمْتَ: إنَّهُ غَبِيٌّ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الفَهْمِ لَتَكَلَّمَ كَمَا يَتَكَلَّمُ غَيْرُهُ. والعَجَبُ مِـمَّنْ لَا يَعْمَلُ بِهَذَا الحَدِيثِ بَعْدَ أَنْ سَمِعَهُ، وَقَد قِيلَ فِي ذَلِكَ بَيْتٌ مِنَ الشِّعْرِ:
عَلَيْكَ بطُولِ الصَّمْتِ يَا صَاحِبَ الحِجَا (الفَهْمِ والعَقْلِ) *** لِتَسْلَمَ فِي الدُّنْيَا ويَومَ القِيَامَةِ
الْعَاقِلُ لَا يُبَالي بِمَا يَقُولُ النَّاسُ، بَلْ لِيَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ ﷺ: "إنَّكَ مَا تَزالُ سَالِمًا مَا سَكَتَّ فَإذَا تَكَلَّمْتَ كُتِبَ عَلَيْكَ أَوْ لَكَ" رَوَاهُ ابنُ أَبِي الدُّنيَا فِي كِتَابِ الصَّمْتِ. وَمَعْنَاهُ مَا دَامَ الإنْسَانُ سَاكِتًا عَنِ الكَلَامِ فَهُو سَالِـمٌ، فَإِذَا تَكَلَّمَ فَإِمَّا أنْ يُكتَبَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ شَرًّا أَوْ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَنْبَغِي عَلَى الْعَاقِلِ إِنْ كَانَ الْكَلامُ مُبَاحًا أَنْ يَتْرُكَهُ إِنْ كَانَ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، لأَنَّهُ بِالْمُبَاحِ قَدْ يَنْجَرُّ الشَّخْصُ إِلى الْـحَرَامِ.
أَهْلُ العِلْمِ يَقُولُونَ: "النَّفْسُ لَهَا شَهْوَةٌ فِي الانْطِلَاقِ بِالْكَلَامِ بِمَا تَشْتَهِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلى الْعَوَاقِبِ" فَمَنْ أَحَبَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقْتَدِي بِهِ، الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ كَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ فَاقْتَدُوا بِهِ، وَإِلَّا فَإِنَّكُمْ عَلَى خَطَرٍ؛ لِأَنَّ الإنْسَانَ إِذَا كَثُرَ كَلَامُهُ يَكْثُرُ سَقَطُهُ. فَمَنْ أَطَالَ الصَّمْتَ حَفِظَ نَفْسَهُ، كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "مَنْ صَمَتَ نَجَا"، أَيْ الَّذِي يَصْمُتُ يَنْجُو مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الزَّلَّاتِ، يَقِلُّ طَمَعُ الشَّيْطَانِ فِيهِ يَـمَلُّ مِنْهُ، يَقُولُ هَذَا لَا يَتَكَلَّمُ كَيْفَ أُمسِكُهُ، كَيْفَ أُوقِعُهُ؟؟
اِرْتَقَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ جَبَلَ الصَّفَا ثُمَّ أَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: يَا لِسَانُ قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ وَاُسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْدَمَ. ثُمَّ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: "أَكْثَرُ خَطَايَا ابْنِ ءَادَمَ مِنْ لِسَانِهِ" رَوَاهُ الطَّبَرانيُّ بِإِسْنادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي وَائِلٍ. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.