كتاب النكاح

الخُلْع

الـخُلعُ بِضَمِّ الـخَاءِ مِنَ الـخَلعِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ لُغَةً النَّزْعُ لأن كُلا مِنَ الزَّوجَيـنِ لِبَاسُ الآخَرِ.
قَالَ تَعَالَى: ‏﴿‏هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ‏‏﴾‏‏ [سُورَةُ البَقَرَةِ/187] فَكَأَنَّهُ بِـمُفَارَقَةِ الآخَرِ نَزَعَ لِبَاسَهُ.

كَانَتِ امْرَأَةٌ صَحَابِيَّةٌ زَوجُهَا تَقِيٌّ دَينٌ لَكِنْ دَمِيمُ الوَجْهِ، نَفْسُهَا مَا طَاوَعَتْهَا أَنْ تَعِيشَ مَعَهُ فَجَاءَتْ إِلَـى الرَّسُولِ ﷺ، قَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللهِ ثَابِتُ بْنُ قَيسٍ مَا أَعِيبُ عَلَيهِ فِـي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، أَي فُلان مِنْ حَيثُ الدِّينُ هُوَ قَوِيٌّ، "وَلَكِنِّـي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِـي الإِسْلامِ" مَعْنَاهُ أَخْشَى أَنْ تَنْجَرَّ نَفْسِي إِلَـى أَمْرٍ قَبِيحٍ.

وَهُوَ مَكْرُوهٌ إِلا عِنْدَ الشِّقَاقِ أَي الـخِلافِ بَينَهُمَا، أَو خَوفِ تَقْصِيـرٍ مِنْ أَحَدِهِـمَا فِـي حَقِّ الآخَرِ هنا التقصيـر هو أن تقع أو يقع في الـمعصية، أَو كَرَاهَةِ الزَّوجَةِ لِلزَّوجِ لِسُوءِ خُلُقِهِ أَو غَيـرِهِ فمن هذه الكراهية خشيت أن تقع في الـمعصية، فهنا يكون سببًا شرعيًا، وليس فقط لأنـها لـم تعد تـجد ميلًا لـهذا الرجل، أَو كَرَاهَتِهِ إِيَّاهَا لِزِنَاهَا فإن عَمِلَ الـخُلع لا كراهة فيه لأنه هنا يوجد سبب أَو نَـحْوِهِ مِنْ الـمُحَرَّمَاتِ كَتَـرْكِ الصَّلاةِ فَأَسَاءَ عِشْرَتَهَا حَتَّـى اخْتَلَعَتْ لَـمْ يُكْرَهْ وَإِنْ أَثِـمَ بِفِعْلِهِ، أَو لِلتَّخَلُّصِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلاثِ أَوِ الثِّنْتَيـنِ بِالفِعْلِ فِيمَا لَو حَلَفَ بِالطَّلاقِ ثَلاثًا عَلَى فِعْلِ مَا لا بُدَّ مِنْهُ.