كتاب النكاح

الصَّداق

الصَّدَاقُ هُوَ الـمَهْرُ، وَالأَصْلُ فِيهِ قَولُ الله تَعَالَى: ‏﴿‏وَءاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً‏‏﴾‏‏ [سُورَةُ النِّسَاءِ/4]، وَالنِّحْلَةُ الـهِبَةُ، وَقَولُهُ: ‏﴿‏وَءاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ‏‏﴾‏‏ [سُورَةُ النِّسَاءِ/25] أَي مُهُورَهُنَّ، وَقَولُ النَّبِـيِّ ﷺ: "التَمِسْ وَلَو خَاتَـمًا مِنْ حَدِيدٍ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. ((ولكل عقد مهر ولو قليلا))
وَإِنَّـمَا سَـمَّى اللهُ تَعَالَى الـمَهْرَ نـِحْلَةً أَي عَطِيِّةً لأنهُ لَيسَ فِـي مُقَابِلِهِ غُرْمٌ عَلَى الـمَرْأَةِ، لأن الـمَرْأَةَ تَسْتَمْتِعُ بِالزَّوجِ كَمَا يَسْتَمْتِعُ هُوَ فَكَأَنَّـهَا تَأخُذُ الصَّدَاقَ مِنْ غَيـرِ مُقَابَلَةٍ لِشَىءٍ. وَذَلِكَ لأنهُ فِـي مُقَابِلِ أَنّ الرَّجُلَ يَـمْلِكُ حَقَّ الاسْتِمْتَاعِ بِـهَا قَالَ تَعَالَى: ‏﴿‏فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ‏‏﴾‏‏ [سُورَةُ النِّسَاءِ/24] أَي لأنكُمْ تَـمْلِكُونَ حَقَّ الاسْتِمْتَاعِ بِـهِنَّ أَعْطُوهُنَّ مُهُورَهُنَّ.

أما بعد فمما ثبت عند أهل الـحديث أن عمر رضي الله عنه قال مرة: "لا تغالوا في مهور نسائكم فأيُّـما رجلٌ زاد في مهر امرأة على أربعمائة درهم أخذته ووضعته في بيت الـمال"، هو من باب الشفقة قال هذا الرأي لكنه مـخطىء فيه فنبهته امرأة فقيهة عالمة قالت ليس لك ذلك يا أميـر الـمؤمنيـن إنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَءَاتَيْتُمْ إِحْدٰىهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْـًٔا﴾. القنطار إثنا عشر ألف أوقية من ذهب معنى هذه الآية لو دفعتم في الـمهر اثنا عشر ألف أوقية من ذهب لا تأخذوا منه شيئا أعطوهن، هذا الـحق أعطوهن.