جهنم... أتَقْوَى على عذابها!

قال الله تعالى: أَلَم يَعلَموا أَنَّهُ مَن يُحادِدِ اللَّـهَ وَرَسولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدًا فيها ذلِكَ الخِزيُ العَظيمُ ﴿٦٣﴾ سورة التوبة

جهنم... أتَقْوَى على عذابها!

لأملأن جهنم من الجِّنة والناس أجمعين

لأملأن جهنم من الجِّنة والناس أجمعين

أما بعدُ فقد قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [سُورَةَ السَّجْدَة/13]. لقد أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ اللَّهُ فِي الأَزَلِ أَنْ يَهْتَدِيَ جَمِيعُ الأَنْفُسِ لَاهْتَدَى جَمِيعُ الأَنْفُسِ، لَأَعْطَى لِكُلِّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَجَعَلَهَا مُؤْمِنَةً مُهْتَدِيَةً.

قالَ تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ معناهُ أنا ما شئتُ أن يكونَ كلُّ عبادي مُهتدينَ، معناهُ شاءَ لبعضٍ أن يكونوا مهتدينَ وشاءَ لبعضٍ أن يكونوا ضالينَ، هذا مذهبُ أهلِ السنةِ مِنَ الصحابةِ إلى اليومِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي﴾ بِما علمتُ أنه يكونُ منهم ما يستوجبونَ بهِ جهنمَ، وهو ما عَلِمَ منهم أنهم يختارونَ التكذيبَ لِما وردَ في شرعِ رسولِنا الكريمِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.
﴿لأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ أَيْ أَنَّنِي سَأَمْلأُ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، مَعْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي الأَزَلِ إِنَّهُ يَمْلأُ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ فَلا بُدَّ أَنْ تُمْلأَ جَهَنَّمُ مِنْ كُفَّارِ الْبَشَرِ وَالْجِنِّ. قَدَّمَ ذِكْرَ الْجِنِّ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْجِنِّ. وَقَوْلُ اللَّهِ صِدْقٌ لا يَتَخَلَّفُ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ أَيِ التَّغَيُّرَ كَذِبٌ وَالْكَذِبُ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ. قالَ النسفيُّ: "خبرُ اللهِ لا يَقبلُ الكذبَ". وفي تخصيصِ الإنسِ والجنِّ إشارةً إلى أنهُ عصمَ ملائكتَهُ عن عملٍ يستوجبونَ بهِ جهنمَ. فاللهُ تعالى جعلَ للجنةِ أهلًا من الإنسِ والجنِّ يدخلونَها ويسكنونَها ويعيشونَ فيها، كذلكَ جعلَ لجهنمَ مَنْ يسكنَها ويُؤَبَّدونَ بها بلا خروجٍ إلى غيرِ نهايةٍ وهم الكفارُ. أما عصاةُ المسلمينَ أهلُ كبائرِ الذنوبِ منهم مَنْ يُدخلُهمُ الجنةَ ثم يُخرِجُهم ومنهم مَنْ يُسامُحهم اللهُ تعالى ولا يُدخلُهم جهنمَ.
الواحِدُ منا لا يَقْوَى على جَمْرَةٍ من جَمَراتِ الدنيا فَكيفَ يَقْوَى على نارٍ وَقُودُها الناسُ والحِجَارَةُ؟! اللَّهم أجِرْنا منهَا يا رَبَّ العالمينَ.