جهنم... أتَقْوَى على عذابها!

قال الله تعالى: أَلَم يَعلَموا أَنَّهُ مَن يُحادِدِ اللَّـهَ وَرَسولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدًا فيها ذلِكَ الخِزيُ العَظيمُ ﴿٦٣﴾ سورة التوبة

جهنم... أتَقْوَى على عذابها!

لابثين فيها أحقابا

لابثين فيها أحقابا

أما بعدُ فأذكرُ نفسي وإياكم بما وردَ في القرءانِ الكريمِ مِنْ وعيدِ اللهِ تباركَ وتعالى علَّهُ يكونُ سببًا للتوبةِ من الذنوبِ والآثامِ، فجهنمُ هي نارٌ عظيمةٌ جدًّا وقد جاءَ في الحديثِ الذي رواهُ الترمذيُّ أنها أُوقدَ عليها ألفُ سنةٍ حتى احمرت، وألفُ سنةٍ حتى ابيضت، وألفُ سنةٍ حتى اسودّتْ فهي سوداءُ مُظلمةٌ، وهي بئسَ المآلُ والمصيرُ والمنقلبُ الذي ينتظرُ مَنْ ماتَ على غيرِ الإيمانِ باللهِ وبرسولهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ.

جهنمُ ترصَدُ من حقَّتْ عليهِ كلمةُ العذابِ فيدخلُها الكافرُ ويُحبسُ فيها أعاذنا اللهُ من ذلكَ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿إنَّ جهنَّمَ كانت مِرصادًا* للطاغينَ مئابًا* لابِثينَ فيها أحقابًا﴾ [سورة النبأ/21-22-23] أي أنَّ الكفارَ سيمكثونَ في النارِ ما دامتِ الأحقابُ، وهي لا تنقطعُ، كلما مضى حُقبٌ جاءَ حقبٌ وهكذا إلى ما لا نهايةَ لهُ، والحُقْبُ ثمانونَ سنةً، قال الإمامُ القشيريُّ: أي دهورًا، والمعنى مؤبَّدينَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى وصفَ في موضعٍ ءاخرَ في القرءانِ بأنَّ خلودَ الكفارِ أبديٌّ أي لا نهايةَ لهُ فعَلِمْنا مِنْ ذلكَ أن قولَهُ تعالى: ﴿لابِثينَ فيها أحقابًا﴾ ليسَ بتحديدِ مدةٍ بل هو عبارةٌ عن دوامِ المكثِ واللبثِ هناكَ. القرءانُ لا يَتنافى بل يَتصادقُ، يجبُ التوفيقُ بينَ ءاياتهِ؛ لأنَّهُ منزهٌ عن التناقضِ. فالنارُ لا تفنى ولا يجوزُ القولُ بفنائِها، وقد عدَّ علماءُ الإسلامِ القولَ بفناءِ جهنمَ مِنَ الضلالِ المبينِ المخرجِ مِنَ الإسلامِ والعياذُ باللهِ كما قالَ الإمامُ الحافظُ السبكيُّ رحمَهُ اللهُ في رسالتِهِ التي سمّاها "الاعتبارَ ببقاءِ الجنةِ والنارِ". ولم يكتفِ البعضُ بالقولِ بفناءِ النارِ، بل أوردوا شُبهًا وتمويهاتٍ يحاولونَ مِنْ خلالِها التشكيكَ في صدقِ ما وردَ في القرءانِ والسنةِ وإجماعِ الأمةِ في مسئلةِ بقاءِ النارِ واستمرارِ عذابِ الكفارِ فيها إلى ما لا نهايةَ لَهُ. واللهَ نسألُ أن يُحسِّنَ أحوالَنا ويُحسِنَ ختامَنا ويُجيرَنا من نارِ جهنمَ إنهُ على كل شىءٍ قديرٌ.