جهنم... أتَقْوَى على عذابها!

قال الله تعالى: أَلَم يَعلَموا أَنَّهُ مَن يُحادِدِ اللَّـهَ وَرَسولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدًا فيها ذلِكَ الخِزيُ العَظيمُ ﴿٦٣﴾ سورة التوبة

جهنم... أتَقْوَى على عذابها!

ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة

ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة

أما بعدُ فإنَّ اللهَ تعالى حرَّمَ على الكافرينَ أن ينالهم شىءٌ من الراحةِ بعدَ الموتِ إلى أبدِ الآبادِ قَالَ تَعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُواْ إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ سورة الأعراف/50].

أهلُ النَّارِ ينادُونَ أهلَ الجنّةِ، إمّا يرونَهم عِيانًا معَ بُعدِ المسافةِ بينَ الجنةِ والنّارِ في وقتٍ مِنَ الأوقاتِ هؤلاءِ في النارِ وهؤلاءِ في الجنَّةِ، فقط أهلُ النارِ يرَوْنَ أهلَ الجنةِ حتى يَزدادوا حسرةً، وإمَّا يسمعونَ صوتَهم، أو بواسطِة مَلَكٍ. الملَكُ يُسْمِعُهم، يخبرُ هؤلاءِ كلامَ هؤلاءِ ويخبرُ هؤلاءِ كلامَ هؤلاءِ. فمن شدةِ ما ينزلُ بهم مِنَ الضّيقِ الذي هُمْ فيهِ يطلبونَ مِنْ أهلِ الجنةِ:﴿أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ﴾ فيكونُ جوابُ أهلِ الجنَّةِ لهم: ﴿إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ فيسكتُ أهلُ النَّارِ. أي أنَّ اللهَ حرَّمَ على الكَافِرينَ الرّزقَ النَّافِعَ والماءَ الْمُرْوِيَ في الآخِرَةِ، وذَلكَ لأنَّهُم أضَاعُوا أعْظَمَ حُقُوقِ اللهِ الذي لا بدِيلَ لهُ وهوَ الإيمانُ باللهِ ورسولِه.
ولو كانَ الإنسانُ الكافرُ يتصدَّقُ كلَّ يومٍ كلَّ صباحٍ على الفقراءِ والمساكينِ بآلافِ اللّيراتِ الذهبيةِ لا ينفعُهُ عندَ اللهِ في الآخرةِ، بعدَ الموتِ لا ينفعُهُ، لا يُنْقِذُهُ ذلكَ مِنْ عذابِ النارِ، ولا ينالُ ذَرّةً مِنَ الثوابِ في الآخرةِ؛ لأنَّ الكافرَ ليسَ لهُ ثوابٌ بعدَ الموتِ. في الدّنيا إنْ أحسنَ إلى الناسِ بالصدقاتِ ومعاونةِ أصحابِ الحاجاتِ والضّروراتِ، في الدنيا اللهُ تعالى يُكافِئُهُ بالصحةِ والرزقِ، أما بعدَ الموتِ فليسَ لهُ شىءٍ مِنْ رحمةِ اللهِ، قالَ تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [سورة الأعراف/156] معناهُ في الدنيا اللهُ تعالى يرحمُ المؤمنينَ ويرحمُ الكافرينَ، أما بعدَ الموتِ لا يرحمُ الكافرينَ، اللهُ تعالى حرَّمَ على الكافرينَ أن ينالَهم شىءٌ من الراحةِ بعدَ الموتِ إلى أبدِ الآبادِ.
فمعرفةُ اللهِ تعالى ومعرفةُ رسولِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ والثباتُ على ذلكَ هو أهمُّ الأمورِ، مَن عرفَ اللهَ بأنهُ موجودٌ لا أحدَ يستحقُّ نهايةَ التذللِ نهايةَ التعظيمِ إلا هو.
وأما معرفةُ الرسولِ فهو العِلمُ بأنهُ مُبَلِّغٌ عن اللهِ صادقٌ فيما جاءَ بهِ. فمَن جزَمَ بذلكَ بلا شكٍّ ولا ارتيابٍ فهو عارفٌ باللهِ ورسولِهِ ومؤمِنٌ باللهِ ورسولِه. اللهُمَّ علِّمنا ما جهلَنا وذكِّرنا ما نسِينا وزِدنا علمًا ونعوذُ بكَ مِنْ حالِ أهلِ النارِ.