من ءادابه صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿٤﴾ سورة القلم

من ءادابه صلى الله عليه وسلم

من كان لأخيه عنده مظلمة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على أشرف المرسلين وسلم عليه وعلى إخوانه المرسلين.
أما بعد فقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان لأخيه عنده مظلمة فليتحلله قبل أن لا يكون دينار ولا درهم" معنى الحديث أن الذي ظلم أخاه في هذه الدنيا أي ثبتت لأخيه عليه مظلمة أي أكل ماله ظلمًا قلَّ ذلك المال أو كثر فليتحلله في الدنيا فإنه لا يكون في الآخرة دنانير ولا دراهم يستوف المظلوم حقه بها إنما يكون استيفاء الحقوق في الآخرة بأحد أمرين إما أن يؤخذ من حسناته الذي ظلم أخاه فيعطى المظلوم هذه الحسنات فإن ضاقت حسناته عن ذلك أي لم تسع معالم الناس أخذ من سيئات المظلومين فطرحت عليه فيقذف في النار ومن المؤمنين من يوف الله عنهم من خزائنه وهذه المظالم ليست أكلاً للمال ظلمًا فقط بل الذي يؤذي أخاه المسلم مشافهة في وجهه بشتم أو في خلفه ثم يبلغه أن فلانًا قال فيك كذا وكذا فيتألم كل ذلك مظلمة وكذلك إذا ضرب المسلم المسلم بغير حق سواء كان قريبه أو غير قريبه فإن ذلك أيضًا مظلمة وكذلك إذا روع مسلم مسلمًا قصدًا إما بنية المزح أو غير ذلك فإن ذلك أيضًا مظلمة وكذلك إذا استعمل شيئًا لأخيه المسلم بدون رضاه وهو يعلم ذلك فإن ذلك أيضًا مظلمة فكل ذلك لا يهمل يوم القيامة الله تبارك وتعالى لا يهمل حق المظلوم بل يوفيه حقه من حسناته وإن لم تكن له حسنات تف بحق المظلوم تطرح عليه من سيئات المظلوم ثم يكون جزاؤه أن يعذب حتى الشهيد الذي بذل نفسه في سبيل الله لا بد أن يؤخذ من حسناته للذين كان ظلمهم في الدنيا لكن الشهيد إن كانت له حسنات تفي بحقوق المظلومين فذلك الأمر ظاهر أي يوف من حسناته إلا بأن ضاقت حسناته عن حقوق المظلومين الذين ظلمهم هذا الشهيد لكثرتها البالغة فإن الله تبارك وتعالى يوف عنه من خزائن فضله ولا يعذب على كل حال، الشهيد ناج ليس عليه عذاب. فمَنْ كانَ لأخيهِ المُسْلِمِ عندَهُ مَظْلَمَةٌ في عِرْضٍ أو مالٍ كأنْ سبَّهُ أو أكَلَ لهُ مالَهُ بِغَيْرِ حَقّ فَلْيُبَرّئ ذِمَّتَهُ اليومَ قبلَ يومِ القيامَةِ لأنَّهُ إنْ لمْ يُبَرّىءْ ذِمَّتَهُ في الدُّنْيا قبلَ الآخِرَةِ لا تَرُدُّ عنهُ الدّراهِمُ ولا الدَّنانِيرُ شيئًا، فإنْ ماتَ ولمْ يُبَرّئ ذِمَّتَهُ منْ هذِهِ المَظْلَمَةِ فإنْ كانَ لهُ حَسَنَاتٌ أَخَذَ لهُ صاحِبُ الحَقّ مِنْ حَسَناتِهِ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ فإنْ لمْ تَكْفِ حَسَناتُهُ لذلِكَ أُخِذَ مِنْ سَيّئاتِ المَظْلومِ فَحُمِلَتْ على الظَّالِمِ. ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ *وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ *وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ*﴾ [سورة عبس] ﴿وَصَاحِبَتِهِ*﴾ أي زَوْجَتِهِ. ﴿وَبَنِيهِ*﴾ أيْ أَبْنائِهِ. فإنْ كانَ ظَلَمَ يَفِرُّ منهُمْ يومَ القِيَامَةِ لأنَّهُ يَعْرِفُ أنَّ ذلِكَ اليومَ يومُ عقابٍ وقَصاصٍ لكنْ أيْنَ المَفَرُّ؟!!

قائمة من ءادابه صلى الله عليه وسلم