تعلم معنى ءاية

قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾
[سورة ءال عمران/٧].

تعلم معنى ءاية

ألم نشرح لك صدرك

ألم نشرح لك صدرك

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيّدنا محمّد خاتم النبيين وإمام المتّقين
وَبَعدُ، فإن من سور القرءان الكريم التي تتكرر على أسماعنا ونحن بحاجة إلى تدبرها ومعرفة ما فيها من الحكم والفوائد العظيمة سورةَ الشرح. قال الله تعالى أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿١﴾ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴿٢﴾ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴿٣﴾ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴿٤﴾ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٦﴾ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ ﴿٧﴾ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب ﴿٨﴾
﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)﴾ أي قد شرحنا لك يا محمّد صدرك بتنويره بالحكمة والإيمان وتوسيعه لتلقي الوحي، فقد شُقَّ صدر النّبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو صغير وأُخرِج من قلبه علقةٌ سوداء هي حظ الشيطان من ابن ءادم حتّى يظلَّ طول عُمُرِه محفوظا من شرِّ الشيطان، ومُلِىءَ قلبهُ حكمةً وإيماناً، وقد قال أهل العلم في معنى ذلك "وُضِعَ فيه السّر، سرّ الحكمة والإيمان".
فقبل نزول الوحي، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف أصل الإيمان أما تفاصيلُ الإيمان، فما كان يعرف، إنما عرف بعد الوحي، ومع ذلك حفظه الله عن الرذالات والفواحش قبل الوحي، كرّه الله إليه الكفر والرذالات ما كان يميل إليها.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شُقَّ صدره الشريف مرّتين بعد هذه المرّة فالمرة الثانية التي شُقَّ فيها صدر النبي عليه الصلاة والسلام كانت عند البعث حتى يستقبل هذا الوحي الذي ينزل عليه لأن الوحي ثقيل، حتى يتلقى الوحي بقلب قوي، كي يكون مستعدّا لما يتلقاه من أمور الوحي.
والمرة الثالثة التي شُقَّ فيها صَدْرُ النبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانت في ليلةِ الإسراءِ شُقَّ وغُسِلَ قلبُهُ قبل عروجه حتى يتحمَّلَ مُشاهدةَ عجائبِ خَلْقِ اللهِ بقلبٍ قويٍّ.
﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)﴾ الوزر، أي الحِملُ الذي كان يَهتَمُّ له والذي كان ثقيلاً عليه وهو تبليغ الأمانة التي حمَّله الله تعالى إياها. وليس معناه الذنب فالله تعالى أعانه فبلَّغ الأمانة، وبلّغ الرسالة وكان ذلك حملاً ثقيلاً عليه، أثقل ظهره عليه الصلاة والسلام لأنه قام وحده يدعو إلى الله.
قال أبو حيان في النهر الماد في تفسير الآية: "هو كناية عن عصمته صلى الله عليه وسلم من الذنوب وتطهيره من الأدناس" اهـ. ومعناه: ضَمِنَّا لك أن تكون بحالة العصمة وهي الحفظ، وذلك أن الأنبياء معصومون من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها كما قال الإمام أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة رضي الله عنه وغيرُه.
﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)﴾ أي أثقل ظهرك يا محمّد، فكان عليه الصلاة والسلام كإنسان حمل حملاً ثقيلاً، تعب منه ظهره من شدة ثقله كان مثله كمثل هذا الإنسان والمراد بما ذُكر تخفيفُ أعباء النبوة التي يُثَقِّل القيامُ بها الظهرَ، فسهَّل الله له ذلك حتى تيسر له الأمر، والمعنى أنه لو كان حمْلًا يُحمَل لسُمِعَ منه صوت الظهر وهو صريرهُ لَما يحمِلُ الشىء الثقيل. فلما أعانه الله تبارك وتعالى وبلَّغَ، صار يدور في الناس ويقول لهم أدعوكم إلى عبادة الله، أدعوكم أن تتركوا ما تعبدون من دون الله. فلقي في ذلك من المشقات ما لقي، لقي من الأذى والشتم، والإهانة من المشركين الكثير الكثير، فهذا الحملُ الذي كان أثقل ظهره، الله تعالى أعانه فبلَّغَ، وهذا معنى قول الله تعالى ﴿الذي أنقض ظهرك﴾ هذا التفسير الراجح.

لمشاهدة فيديوهات "تعلّم معنى ءاية" اضغط هنا