نساء صالحات

قال الله تعالى: وَعَدَ اللَّـهُ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدنٍ وَرِضوانٌ مِنَ اللَّـهِ أَكبَرُ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ ﴿٧٢﴾ سورة التوبة

نساء صالحات



أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ

الصحابية الجليلة

أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَسْلَمَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَرَأَتْ وعَايَنَتْ بِنَفْسِهَا صَرَخَاتِ الـمُتَأَلِّمِينَ وءَاهَاتِ الْمُعَذَّبِينَ تَحْتَ سِيَاطِ كُفَّارِ قُرَيشٍ وَضَرَبَاتِهم فَمَا اهْتَزَّ إيمَانُهَا، وَلَا تَزَعْزَعَ بِخَوْفٍ أَوْ وَجَلٍ. وَقَدْ صَلَّتْ أُمُّ كُلْثُومٍ نَحْوَ الْقِبْلَتَيْنِ، وَبَايَعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ هِجْرَتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ.وسلم



مَنْ الْمُمْتَحَنَةُ؟ إذا عرفتها لن تنساها

الْمُمْتَحَنَةُ هِيَ الصَّحَابِيَّةُ الْجَلِيلَةُ الَّتِي سَجَّلَتْ لَهَا كُتُبُ السِّيرَةِ وَالتَّارِيخِ نَفْحَةً مِن نَفَحَاتِ الْبَرَكَةِ وَالْإِيمَانِ حِينَ أَكْرَمَهَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ، هِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ الأُمَوِيَّةُ الْقُرَشِيَّةُ.



أُمُّ كُلْثُومٍ... الصَّابِرَةُ الـمُحْتَسِبَةُ

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ دَخَلَ الإيمَانُ فِي قَلْبِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، ءَامَنَتْ بِالرَّسُولِ لَما كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ. وَلَكِنْ تَكْتُمُ إيمَانَهَا عَنْ أَبِيهَا عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعَن إخْوَتِـهَا عُمَارَةَ، وَالْوَلِيدِ، وَيَأْتِي مَوْعِدُ الْهِجْرَةِ ويُهَاجِرُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ



هِجْرَةُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: "إنَّه لَمْ يَتَهَيَّأْ لِأُمِّ كُلْثُومٍ هِجْرَةً إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ: هِيَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ مِنْ النِّسَاءِ، وَكَانَت هِجْرَتُهَا زَمَنَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ".

وَتَرْوِي أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ فِي قِصَّةِ هِجْرَتـِهَا فَتَقُولُ: "كُنْتُ أَخْرُجُ إلَى بَادِيَةٍ لَنَا فِيهَا أَهْلِي، فَأُقِيمُ فِيهَا الثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ ثُمَّ أَرْجِعُ إلَيْهِمْ فَلَا يُنكِرُونَ ذَهَابِي لِلْبَادِيَة، حَتّى أَجْمَعْتُ الْمَسِيرَ، فَخَرَجَتُ يومًا مِنْ مَكَّةَ كَأَنّي أُرِيدُ الْبَادِيَةَ،



امْتِحَانُ أُمِّ كُلْثُومٍ

أَمَّا بَعْدُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [سورة الممتحنة] أَمَرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بامْتِحَانِهِنَّ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِيمَانِ هُوَ الْقَلْبُ، وَذَلِكَ بَاطِنٌ لَا سَبِيلَ لِلْخَلْقِ عَلَى الْوُقُوفِ عَلَى مَا فِيهِ، فَإِذَا وَصَفْنَ اللهَ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ وَالنَّبِيَّ بِالرِّسَالَةِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِالْإِيمَانِ عَلَى مَا ظَهَرَ.



رَحِمَ اللهُ أَمَّ كُلْثُومٍ

كَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِن أَوْفَرِ النِّسَاءِ عَقْلًا، وَأَقْوَاهُنّ إيـْمَانًا، فاحْتَلَّتْ مَكَانَةً لَائِقَةً بَيْنَ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْرِمُهَا لِصِدْقِ إيمَانـِهَا، وَقَدْ أَخْرَجَهَا مَعَهُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ تُدَاوِي الْجَرْحَى.