ءاداب السفر

قال الله تعالى: ﴿فَلَمّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَد لَقينا مِن سَفَرِنا هـذا نَصَبًا﴾
[سورة الكهف/٦٢].

ءاداب السفر

ثلاث دعوات مستجابات

ثَلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٍ

يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَغْتَنِمَ سَفَرَهُ، يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِـمَا شَاءَ وَءَابَائِهِ وَأَهْلِهِ وَمَنْ يُحِبُّ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ، وَيَتَحَرَّى الدُّعاءَ الجامِعَ، فَلِلْمُسَافِرِ دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ فَلَا يَنْبَغِي التَّفْريطُ فِيهَا. رَوَى التِّرْمِذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ؛ دَعْوَةُ الـمَظْلومِ، وَدَعْوَةُ الـمُسافِرِ، وَدَعْوَةُ الوالِدِ عَلَى وَلَدِهِ". فِي هَذَا الحَديثِ بَيانُ بَعْضِ الدَّعَواتِ الـمُسْتَجابَةِ، حَيْثُ يَقُولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ثَلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ"، أَيْ إِنَّ اللهَ يَسْتَجيبُ لِثَلَاثَةِ أَنْواعٍ مِنَ الدَّعَواتِ يَقِينًا وَلَا يَرُدُّها أَبَدًا، هَذَا مَعْنَاهُ إِنْ دَعَا بِحَقٍّ، أَمَّا إِنْ دَعَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ.
"دَعْوَةُ الـمَظْلُومِ"، أَيِ الدَّعْوَةُ الأُوْلى الَّتِي يَسْتجيبُ اللهُ لَـهَا وَلَا يَرُدُّها أَبَدًا إِذَا دَعا الـمَظْلُومُ عَلَى الَّذِي ظَلَمَهُ فَإِنَّ اللهَ يَسْتجيبُ لَهُ وَلَا يَرُدُّهُ.
"وَدَعْوَةُ الـمُسَافِرِ" أَيْ وَالدَّعْوَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يَسْتَجِيبُ اللهُ لَـهَا وَلَا يَرُدُّها أَبَدًا دَعْوَةُ الـمُسَافِرِ، وَهُوَ في حالِ السَّفَرِ وَلَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ لَيْسَ في أَمْرٍ مُحَرَّمٍ.
"وَدَعوةُ الوالِدِ عَلَى وَلَدِهِ"، أَيْ وَالدَّعْوَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي يَسْتَجِيبُ اللهُ لَـهَا وَلَا يَرُدُّها أَبَدًا إِذَا دَعا الوالِدُ عَلَى وَلَدِهِ بِحَقٍّ إِذا عَقَّهُ أَوْ ظَلَمَهُ أَوْ لَمْ يَبَرَّهُ وَيُعْطِهِ حُقُوقَ الوالِدِ عَلَى وَلَدِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ يَسْتجيبُ لَهُ وَلَا يَرُدُّ دَعْوَتَهُ أَبَدًا، وَقَوْلُهُ: "الوَالِدِ" يَشْمَلُ الأُمَّ أَيْضًا؛ وَقِيلَ: لَمْ تُذْكَرِ الوالِدَةُ؛ لِأَنَّ حَقَّها أَعْظَمُ فَدُعاؤُها أَوْلَى أَنْ يُسْتَجابَ لَهُ. ففي الحديثِ: التَّرغيبُ في إِكْثارِ الدُّعاءِ في السَّفرِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَجابٌ.
لِذَلِكَ يَنْبَغِي لِمَنْ لَهُ صَديقٌ أَوْ قَريبٌ يَتَأَهَّبُ لِلسَّفَرِ أَنْ يُوصِيَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ حَالَ سَفَرِهِ، وَقَدْ وَرَدَ حَديثٌ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العُمْرَةِ فَأَذِنَ، وَقَالَ: "لَا تَنْسَنا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعائِكَ" وَفِي رِوايَةٍ "أَشْرِكْنا يَا أُخَيَّ فِي دُعائِكَ" رَوَاهُ البُخارِيُّ.
اللّهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا.

لمشاهدة لائحة فيديوهات "ءاداب السفر" اضغط هنا