ءاداب السفر

قال الله تعالى: ﴿فَلَمّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَد لَقينا مِن سَفَرِنا هـذا نَصَبًا﴾
[سورة الكهف/٦٢].

ءاداب السفر

بِنِيَّتِكَ يَكونُ سَفَرُكَ سَفَرَ طاعَةٍ

بِنِيَّتِكَ يَكونُ سَفَرُكَ سَفَرَ طاعَةٍ

أَمَّا بَعْدُ فَفِي الحَديثِ الَّذِي رَوَاهُ البُخاريُّ وَمُسْلِمٌ: "إِنَّـمَا الأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّـمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسولِهِ، وَمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصيبُها أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ" أَيْ أَنَّ العَمَلَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ لَا يَكونُ مُعْتَبَرًا إِلَّا بِالنِّيَّةِ، فَالصَّلَاةُ مِنَ الأَعْمالِ الَّتِي أَمَرَنا اللهُ بِـهَا، لَا تَكونُ مُعْتَبَرَةً مَحْسوبَةً إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَلِكَ الزَّكاةُ لَا تَكونُ مُعْتَبَرَةً إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَذَلِكَ الصِّيامُ لَا يَكونُ مُعْتَبَرًا عِنْدَ اللهِ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، كَذَلِكَ الحَجُّ لَا يَكونُ مُعْتَبَرًا إِلَّا بِالنِّـيَّةِ وَكَذَلِكَ سائِرُ الأَعْمالِ الَّتِي مِنْ هَذَا القَبِيلِ لَا تَكونُ مُعْتَبَرَةً إِلَّا بِالنِّـيَّةِ. ثُمَّ هَذِهِ النّيَّةُ يَجِبُ أَنْ تَكونَ خالِصَةً للَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ إِذَا نَوَى وَلَمْ تَكُنِ النِّـيَّةُ خالِصَةً للَّهِ فَإِنَّهُ لَا ثَوابَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا لَمْ يَجِدْ أَمَامَهُ مِنْ ثَوابِ تِلْكَ الأَعْمالِ شَيْئًا فِي الآخِرَةِ فَإِنَّهُ يَتَنَدَّمُ وَيَتَحَسَّرُ حَتَّى إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَبْنُونَ مَسْجِدًا وَنيَّاتُـهُمْ فاسِدَةٌ، يَكُونُونَ بَنَوُا الـمَسْجِدَ مِنْ مَالٍ حَلالٍ لَكِنَّ نِيَّاتِـهِمْ فاسِدَةٌ كَأَنْ يَنْوُوا أَنْ يَـمْدَحَهُمُ النَّاسُ. كَذَلِكَ الـمُقاتِلُ الَّذِي يَبْذُلُ روحَهُ فَيُقْتَلُ أَوْ يُجْرَحُ أَوْ يَرْجِعُ سَالِمًا بَعْدَ أَنْ قَاسَى الـمَشَقَّاتِ، يَرْجِعُ سَالِمًا أَوْ يُقْتَلُ هُنَاكَ أَوْ يَرْجِعُ جَرِيحًا فَيُقَاسِي مِنْ ءَالَامِ الجُرْحِ مَا يُقَاسِي فَإِنَّهُ لَا ثَوابَ لَهُ لِأَنَّهُ نَوَى بِعَمَلِهِ هَذَا أَنْ يَـمْدَحَهُ النَّاسُ.
النِّـيَّةُ تَقْلِبُ العَمَلَ الـمُباحَ إِلَى عَمَلٍ فِيهِ ثَوابٌ، مَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ فِي عَمَلِهِ للَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الفائِزُ وَمَنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّتُهُ للَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مِنَ الخَاسِرِينَ، بِنِيَّتِكَ يَكونُ سَفَرُكَ سَفَرَ طاعَةٍ كَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ وَالعُمْرَةِ، أَوْ لِبِرِّ الوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، أَوْ طَلَبِ العِلْمِ، أَوْ سَفَرًا مُبَاحًا لَا طاعَةً وَلَا مَعْصيَةً فَهُوَ كَالسَّفَرِ لِلاسْتِجْمَامِ وَالتَّـرْويحِ عَنِ النَّفْسِ فِي حُدودِ مَا أَبَاحَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَوْ سَفَرَ مَعْصيَةٍ كَالَّذِي ذَهَبَ فِي سَفَرٍ لِمَعْصيَةٍ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا أَوْ لِسَرِقَةٍ وَمِثْلُهُ مَنْ يُسافِرُ لِقَطْعِ الطَّريقِ والاسْتيلاءِ عَلَى الأَمْوالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. بِـهَذَا يَتَبَيَّنُ لَنَا أَهَـمِّـيَّةُ تَحْديدِ الـهَدَفِ مِنَ السَّفَرِ وَلْيَكُنْ هَدَفًا مَشْرُوعًا.
إِذًا الـمُسافِرُ يَجْنِي فَوائِدَ عَظيمَةً مِنْ إِخْلاصِ نيَّتِهِ للَّهِ فِي سَفَرِهِ، وَمِنْهَا رِضاءُ اللهِ عَنْهُ وَتَوْفِيقُهُ إِيَّاهُ، وَتَحْقيقُ مُبْتَغَاهُ فِي سَفَرِهِ، وَعَوْدَتُهُ حَمِيدًا.
اللهم أحسن ختامنا، اللهم يسر لنا أسباب الخير، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبيين والمرسلين.

لمشاهدة لائحة فيديوهات "ءاداب السفر" اضغط هنا