أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

دجالون كذابون

دجالون كذابون

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، لهُ النِعمةُ ولهُ الفضلُ ولهُ الثناءُ الحسنُ، لا إلهَ إلا هو الملكُ الحقُّ المبينُ، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ النبيينَ والمرسلينَ، المبعوثِ رحمةً للعالمينَ، سيدِنا محمدٍ طه الأمينِ، وعلى ءالهِ وأصحابهِ الطيبينَ الطاهرينَ، ومَنْ تبعَهم بإحسانٍ واهتدى بهدِيهم إلى يومِ الدينِ.
أما بعدُ ففي الصحيحينِ عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ عن النبيِ صلى اللهُ عليه وسلمَ قالَ: "لا تقومُ الساعةُ حتى يُبعثَ دجالونَ كذابونَ قريبٌ مِنْ ثلاثينَ كلُّهم يزعمُ أنهُ رسولُ اللهِ" رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ. وفي صحيحِ مسلمٍ عَنْ ثوبانَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "وإنهُ سيكونُ في أمتي كذَّابونَ ثلاثونَ، كلُّهم يزعمُ أنهُ نبيٌّ، وأنا خاتمُ الأنبياءِ، لا نبيٍّ بعدي".
والأحاديثُ في ظهورِ هؤلاءِ الدجاجلةِ كثيرةٌ وفي بعضِها وقعَ أنهم ثلاثونَ بالجزمِ وفي بعضِها أنهم قريبٌ مِنَ الثلاثينَ كما في حديثِ الصحيحينِ.
وممن ظهرَ مِنْ هؤلاءِ الثلاثينَ مسيلمةُ الكذابُ فادَّعى النبوةَ في ءاخرِ زمنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وعظُمَ شرُّهُ على المسلمينَ حتى قضى عليهِ الصحابةُ في عهدِ أبي بكرٍ الصديقِ رضيَ اللهُ عنهُ في معركةِ اليمامةِ المشهورةِ.
في أواخرِ أيامِ الرسولِ شخصٌ يُقالُ لهُ مسيلمةُ جاءَ الى الرسولِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مع جمعٍ كبيرٍ مِنْ قومهِ فقالَ للرسول: "الرسالةُ النبوةُ نتقاسمُها". ثم هذا مسيلمةُ لَما ماتَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أظهرَ دعوتَهُ قالَ: "أنا نبيٌّ" فتبعَهُ قومُهُ، ادَّعى أنهُ نبيٌّ أنهُ رسولٌ.
وظهرَ كذلكَ الأسودُ العنسيُّ في اليمنِ وادَّعى النبوةَ فصارَ أبو مسلمٍ الخولانيُّ رضيَ اللهُ عنهُ الذي كانَ مِنَ العلماءِ الزاهدينِ الأتقياءِ يُكذِّبُهُ على ملإٍ مِنَ الناسِ ويقولُ للناسِ هذا كذابٌ، يُحذرُ الناسَ منهُ فعرفَ بهِ الأسودُ العَنْسِيُّ بلغَهُ الخبرُ. جماعةُ هذا الدجالِ أخذوا أبا مسلمٍ الخولانيَّ إلى زعيمِهم فتكلمَ معهُ فكذَّبهُ أبو مسلمٍ في دعواهُ أنهُ رسولُ اللهِ، فقالَ: أشعلوا نارًا، فأشعلوا نارًا فرمَوْهُ فيها فما أحرقتْهُ ما أثّرتَ بهِ مَعَ شدتِها، ثم في اليومِ الثاني فعلَ مثلَ ذلكَ أعادوهُ أيضًا إلى النارِ، رمَوهُ فيها فلم تُحرقهُ النارُ ثم في اليومِ الثالثِ فعلَ مثلَ ذلكَ فلم تُحرقْهُ النارُ لا هو ولا ثيابَهُ. فقالَ لهُ جماعتهُ الذينَ ءامنوا بهِ: أخرِجْ هذا الرجلَ من أرضكَ حتى لا يُفسدَ عليكَ الناسَ، فنفاهُ، قالَ لهُ: "اخرُجْ منْ أرضي"، يعني البلادَ التي اتبعَهُ فيها الناسُ أنهُ نبيٌّ.
فلَما حضرَ أبو مسلمٍ إلى المدينةِ في أيامِ عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ نظرَ إليهِ عمرُ وقالَ لهُ: أنتَ أبو مسلمٍ الخوْلانيُّ؟ قالَ: نعم، فقامَ سيدُنا عمرُ فقبلَهُ بينَ عينيهِ وقالَ: الحمدُ للهِ الذي جعلَ في أمةِ محمدٍ مَنْ هو مثلُ خليلِ الرحمنِ إبراهيمَ.
ظهرَ قبلَ مائةٍ وخمسينَ سنةً ميرزا أحمدُ القاديانيُّ بالهندِ وادعى النبوةَ وأنهُ المسيحُ المنتظرُ إلى غيرِ ذلكَ مِنَ الإدعاءاتِ الباطلةِ، وصارَ لهُ أتباعٌ وأنصارٌ، وانبرى لهُ كثيرٌ مِنَ العلماءِ فردوا عليهِ وبيّنوا أنهُ أحدُ الدجالينَ.
هؤلاءِ القاديانيةُ للتمويهِ على الناسِ يقولونَ: هذه نبوةٌ ظليةٌ أي تحتَ ظلِّ محمدٍ أي ليسَ مستقلًا، إنما هو منتسبٌ إلى سيدِنا محمدٍ؛ لأنَّ النبوةَ الاستقلاليةَ انقطعَت، أما النبوةُ الظليةُ أي التي تكونُ في ظلِّ محمدٍ لـَم تنقطعْ.
وكلُّ هذا كفرٌ، لا يجوزُ أن يُنبَّأَ شخصٌ بعدَ محمدٍ استقلالًا ولا تجديدًا لنبوةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "انقطعتِ الرسالةُ والنبوةُ فلا نبيَّ بعدي ولا رسولَ وبقيتِ المبشّراتُ"، قيلَ: وما المبشراتُ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: " الرؤيا الصالحةُ" رواهُ البخاريُّ.
ولا يزالُ خروجُ هؤلاءِ الكذابينَ واحدًا بعدَ الآخرِ حتى يظهرَ ءاخرُهم الأعورُ الدجالُ.
فقد روى الإمامُ أحمدُ عن سمُرةَ بنِ جندبٍ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ" وأنهُ واللهِ لا تقومُ الساعةُ حتى يخرجَ ثلاثونَ كذابًا ءاخرُهم الأعورُ الكذابُ" رواهُ أحمدُ.
ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ، اللّهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ، اللّهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا