أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

من أشراط الساعة موت النبي ﷺ

من أشراط الساعة موت النبي ﷺ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسلينَ وخاتمِ النّبِيّينَ وإمامِ المتّقينَ سيدِنا محمدٍ نبيِّ الرحمةِ وعلى ءالهِ الطيبينَ الطاهرينَ.
أما بعدُ فإنَّ موتَ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ علامةٌ من علاماتِ الساعةِ، ويدلُّ على ذلكَ ما أخرجَهُ البخاريُّ عن عوفِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ - أي خيمةٍ من جلدٍ -، فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي ... " الحديثَ.
ففي هذا الحديثِ إخبارٌ مِنَ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وهو الصادقُ المصدوقُ عن حوادثَ تقعُ بعدَهُ وقد وقعَ بعضُها، وسيقعُ الباقي قطعًا وهي في هذا الحديثِ ستةُ أمورٍ:
أولُها: موتُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، وقد كانَ ذلكَ من أعظمِ المصائبِ التي ابتُلِيَ بها المسلمونَ، ولن يُبتَلَوا بمصيبةٍ أعظمَ مِنْ وفاتهِ. روى الترمذيُّ في سننهِ مِنْ حديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ المَدِينَةَ، أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَىءٍ، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَىءٍ؛ وَمَا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الْأَيْدِيَ، وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ، حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.
فكانَ موتُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنْ أعظمِ المصائبِ التي أصابتِ المسلمينَ، أخرجَ البيهقيُّ في "شعبِ الإيمانِ "أن الحبيبَ العدنانيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "إذا أصابَ أحدَكم مصيبةٌ فليذكُرْ مصيبتَهُ بي، فإنها مِنْ أعظمِ المصائبِ".
لِـمَ موتُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنْ أعظمِ المصائبِ في الدينِ؟ لأنَّ المصيبةَ بهِ أعظمُ من كلِّ مصيبةٍ يُصابُ بها المسلمُ؛ لأنَّ بموتهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ انقطعَ الوحيُ مِنَ السماءِ وانقطعتِ النُّبُوَاتُ، وكانَ موتُهُ أولَ ظهورِ الشرِّ والفسادِ بارتدادِ الذينَ ارتدوا عنِ الدينِ مِنَ الأعرابِ، فهذا أولُ انقطاعِ عُرَى الدينِ ونقصانهِ... وغيرُ ذلكَ مِنَ الأمورِ التي لا تحصى.
وروى مسلمٌ في صحيحهِ مِنْ حديثِ أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ، نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلمَ! فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا.
فيا أخي اعملْ لآخرتِكَ حتى تكونَ مع النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في الجنةِ، وعلى مَنْ أصيبَ يومًا بمصيبةٍ أن يذكرَ موتَ النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأنْ يذكرَ صبرَ النبيِّ على المصائبِ والشدائدِ. وتذكّرْ أن هذهِ الدنيا دارُ بلاءٍ وعملٍ واستعدادٍ لِما بعدَ الموتِ، فإذا ابُتليتَ ببلاءٍ، فإذا ابتُليتَ بمصيبةٍ قل إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ وإيّاكَ والاعتراضَ على اللهِ فإنَّ مِنَ اعترضَ على اللهِ خرجَ من دينِ اللهِ.
فيا عجبًا كيفَ أنّ بعضَ الناسِ إذا ماتَ لهم ولدٌ أو حبيبٌ أو قريبٌ أو ذهبَ مالُهم يعترضونَ على اللهِ وكأن هذا الولدَ يرجعُ أو هذا الحبيبَ يرجعُ إذا هم اعترضوا على اللهِ والعياذُ باللهِ. أما إذا إنسانٌ مسلمٌ ابتُليَ فصبرَ فقالَ: الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ، للهِ ما أعطى وللهِ ما أخذَ، إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ، لا حولَ ولا قوّةَ إلا باللهِ، اللهمَّ لا تجعلْ مصيبتي في دينِي، لهُ أجرٌ عظيمٌ عندَ اللهِ.
ورَوَى مسلمٌ والطَّبرانيُّ عنْ أمِّ سَلَمَةَ رضِيَ اللهُ عنْها قالَتْ: "سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصيبَةٌ فَيَقولُ: إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعونَ اللهمَّ أجُرْني في مُصيبَتِي وأخلِفْ لي خيرًا منْها إلا ءَاجَرَهُ اللهُ تعالى في مُصيبَتِهِ وأخلَفَ لهُ خيرًا مِنْها".
اللَّهمَّ لا تَجْعَلْ مُصيبَتَنَا في دينِنَا، وتوفَّنا وأنتَ راضٍ عنا يا أرحمَ الراحمينَ.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا