أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباءِ

بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباءِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ لهُ النعمةُ ولهُ الفضلُ ولهُ الثناءُ الحسنُ وصلواتُ اللهِ البرِّ الرحيمِ والملائكةِ المقربينَ على سيِّدِنا محمدٍ أشرفِ المرسلينَ وعلى ءالِهِ الطيبينَ الطاهرِينَ
أما بعدُ فإنَّ مِنْ علاماتِ الساعةِ الصغرى التي وقعتْ ولم تنقضِ ما رواهُ مُسْلِمٌ في صَحيحِهِ عن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "إنَّ هذا الدينَ بدأَ غريبًا وسيعودُ غريبًا كما بدأَ فطوبى للغرباءِ"، وعندَ الترمذيِّ: "قيلَ: ومَنِ الغرباءُ؟ قالَ: الذينَ يُصلحونَ ما أفسدَ الناسُ مِنْ سنتي بعدي".
لَما بدأَ الرسولُ يدعو إلى الإسلامِ في مكةَ كانَ وحدَهُ ثم انضمَّ إليهِ عددٌ فلمْ يؤمنْ بهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا القليلُ، وأكثرُ الخلقِ عادَوْهُ وعاندُوهُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وءاذَوهُ وءاذَوا أصحابَهُ الذينَ أسلموا، حتى هاجرَ من هاجرَ إلى الحبشةِ فرارًا بدينهِ مِنَ الفتنِ وبنفسهِ مِنَ الأذى والاضطهادِ والظلمِ والاستبدادِ. وهاجرَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بأمرِ اللهِ تعالى إلى المدينةِ بعدَما نالَهُ مِنْ شدةِ الأذى ما نالَهُ رجاءَ أن يهيئَ اللهُ لهُ مَنْ يُؤازرُهُ في دعوتهِ، ويقومُ معَهُ بنصرِ الإسلامِ، وانتقلَ معَهُ مَنْ قَدَرَ مِنْ أصحابِهِ، وكانَ غريبًا أيضًا، حتى كَثُرَ أهلُهُ في المدينةِ وفي بقيةِ الأمصارِ.
ثم بعدَ الهجرةِ قويَ الإسلامُ، فتحَ الرسولُ مكةَ ودخلَ الناسُ في دِينِ اللَّهِ أفواجًا واستسلمتْ كلُّ جزيرةِ العربِ لَهُ وحقَّقَ اللهُ رجاءَهُ فأعزَّ جندَهُ ونصرَ عبدَهُ وقامتْ دولةُ الإسلامِ وانتشرَ بحولِ اللهِ وقوته في أرجاءِ الأرضِ.
ولكنْ أخبرَ النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ أنَّ الغربةَ سوفَ تعودُ، فقد رَوَى مُسلِمٌ عن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَدَأَ الإِسلامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبى لِلغُرَبَاءِ" أي أنَّ الإسلامَ سيعودُ في ءاخِرِ الزمانِ غريبًا كما بدأَ، وخيرُ ما يشهدُ على ذلكَ واقعُنا اليوم، فقدْ أصبحَ الإسلامُ كما ترونَ وتسمعونَ غريبًا، وأصبحَ المتمسكونَ بدينِهم في هذا الزمانِ غرباءَ. فأبشِرْ يا مَنْ تشعرُ بالغربةِ الآنَ بينَ الناسِ بهذهِ البشارةِ لكَ مِنْ رسولِ اللهِ: "فطوبى للغرباءِ" وَهَذَا وَعدٌ مِنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَهُم بِالخَيرِ الكَثِيرِ وَالأَجرِ العَظِيمِ الوَفِيرِ في الآخِرَةِ، جَزَاءَ مَا صَبَرُوا وَثَبَتُوا وَعَمِلُوا وَبَذَلُوا وَتَحَمَّلُوا.
ونحنُ الآنَ في زمنٍ النبيُّ ذكرَهُ صلى اللهُ عليهِ وءالهِ وسلَّمَ فقالَ:" سيأتي على الناسِ زمانٌ القابضُ فيهِ على دِينِهِ كالقابضِ على جمرٍ بينَ يدَيهِ" رواهُ الترمذيُّ في سُننهِ بسندٍ حسنٍ. ومعناهُ الذي يتمسكُ بدينهِ يجدُ صعوبةً في ذلكَ الزمنِ كالقابضِ على جمرٍ لكثرةِ المعارضينَ لمن يقولُ الحقَّ، يتعبُ معهم تعبًا شديدًا شديدًا، يتأذى منهم كما يتأذى مَنْ يقبضُ على الجمرِ. في ذلكَ الزمنِ الذي يكونُ على عقيدةِ أهلِ السنةِ ويأمرُ بالمعروفِ وينهى عَنِ المنكرِ لهُ ثوابُ خمسينَ صحابيٍّ؛ لِأَنَّهُ في زمانِهم كان يقبلُ بعضُهم منْ بعضِهمُ الحقَّ، إذا تآمروا بالمعروفِ وتناهَوا عن المنكرِ كانوا يتطاوعونَ، أما اليومَ أبوهُ للشخصِ أمُّهُ أخوهُ أختُهُ صديقُهُ قد يُعارضونَهُ إذا قالَ الحقَّ. قالَ عزَّ وجَلَّ: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَولادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحذَرُوهُمْ﴾ [سورة التغابن/14].
اللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِنَ الغُرَبَاءِ الَّذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ وَيُصلِحُونَ مَا أَفسَدَ النَّاسُ، وَيَثبُتُونَ عَلَى الإِسلامِ حَتَّى يَلقَوكَ غَيرَ مُبَدِّلِينَ وَلا مُغَيِّرِينَ.
اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا، اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا