أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

اطّلعَ النبيُّ علينا ونحنُ نتذاكرُ الساعةَ

اطّلعَ النبيُّ علينا ونحنُ نتذاكرُ الساعةَ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ مالكِ يومِ الدينِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ القويُّ المتينُ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ بعثَهُ اللهُ بالهدى واليقينِ، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ وعلىءالهِ الطيبينَ الطاهرينَ.
أما بعدُ فإنَّ الساعةَ أمرُها عظيمٌ، وإنَّ الساعةَ ءاتيةٌ لا ريبَ فيها، وإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى يَبعثُ مَنْ في القبورِ، وإنَّ مَنْ ماتَ أصبحَ مِنْ أهلِ الآخرةِ، واطلعَ على ما كانَ مِنْ عملهِ واطلعَ على ما يكونُ مِنْ جزائِه؛ فمبشَّرٌ بالجنةِ مَنْ كانَ مِنَ الصالحينَ ومبشَّرٌ بالنارِ مَنْ كانَ مِنَ الكافرينَ.
فاتقوا اللهَ واجعلوا تقواهُ ذخرًا لكم في دُنياكم وفي أُخراكم، فقد سَعِدَ المتقونَ وخابَ الخاسرونَ العصاةُ المفسدونَ.
اتقوا اللهَ وأَعِدُّوا لحياتِكمُ الباقيةِ، فإنَّ حياةَ المرءِ الحقيقيةَ هي الحياةُ الأخرى. يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى: ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى* يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي* فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ* وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ [الفجر:23-26].
لقد جعلَ اللهُ عزَّ وجلَّ للساعةِ علاماتٍ تدلُّ على قُربِها وانتهاءِ هذه الحياةِ الدنيا، ولا يعلمُ متى تقومُ القيامةُ إلا اللهُ وحدَهُ جَلَّ جلالُهُ وتعالى سلطانُهُ كما قالَ عزَّ وجلَّ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187].
ولكنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤُهُ أخبرَ رسولَهُ محمدًا بعلاماتٍ تدلُّ على قربِ وقوعِها، وأخبرَ الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أصحابَهُ بهذهِ العلاماتِ، ولقد كانَ يُذكِّرهُم بالقيامةِ وقربِها ويُحدِّثُهم حتى عَنِ العلاماتِ الكبيرةِ. فعن حُذيفةَ بنِ أُسَيدٍ الغِفَاريِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الساعةَ، فَقَالَ: مَا تَذْكُرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ ءايَاتٍ. فَذَكَرَ الدُّخَانَ، وَالدَّجَالَ، وَالدَّابَةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَءاخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِم" الحديثَ.
فالعاقلُ الفطنُ أيُّها الأحبةُ لا شكَّ هو الذي يختارُ طريقَ الجنةِ، وطريقُ الجنةِ علمٌ وعملٌ، فإنَّ الجنةَ تُنالُ بالعملِ وبالسعيِ لها وليسَ فقط بالتمني، فإنَّ منْ أرادَ الفوزَ بالجنةِ والنجاةَ مِنَ النارِ لا بُدَّ أن يُعِدَّ العُدَّةَ ويُهيئَ الزادَ، فقد رُويَ أنَّ أحدَ الصالحينَ قالَ: مَثَّلتُ نفسي في نارِ جهنمَ ءاكلُ مِنْ زَقُّومِها - وهو أشدُّ ما خَلَقَ اللهُ مِنَ المرارةِ - وأشربُ مِنْ حميمِها - وهو الماءُ المغلي إلى أقصى درجاتِ الغليانِ - وأتعثَّرُ بأغلالِها فقلتُ: نفسي ماذا تريدينَ؟ فقالتْ: العودةَ إلى الدنيا لعلي أعملُ صالحًا، فقلتُ: نفسي أنتِ الآنَ في الأمنيةِ، فاعملي. فاعمَلْ في هذه الأيامِ القلائلِ لتلكَ الأيامِ الطوالِ التي لا نهايةَ لها.
إنَّ هذه الدنيا كالخيالِ، لا بُدَّ أن يطرَأَ عليها الزوالُ، وإلى اللهِ مرجعُنا والقبرُ يَضمُّنا ويومُ القيامةِ يجمَعُنا. فهنيئًا لمن قدَّمَ في هذه الدنيا ليومِ المعادِ ما ينفعُهُ، يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنونَ إلا مَنْ أتى اللهَ بقلبٍ سليمٍ. اللهمَّ ءَاتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أنْتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا، اللهمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الزَّاهِدِينَ الوَرِعِينَ الذينَ لا خَوفٌ عَلَيهِم ولا هُمْ يَحْزَنُونَ، اللهم ارزُقْنَا الصَبْرَ عَلَى الطَاعَةِ، وارزُقْنَا الصَبْرَ عَلَى البلايا وارزُقْنَا عَيْنَينِ هَطَّالَتَينِ تَبْكِيَانِ الدَّمْعَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا كَرِيمُ يا رَحِيم

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا