أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

يرفع القرءان ءاخر الزمان

يرفع القرءان ءاخر الزمان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين. أما بعد فإن أعظم معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم القرءان الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل القرءان معجزة باقية على تعاقب السنين. فيا عزنا بهذا النبي العظيم الذي أيّده ربه بالمعجزات الباهرات التي جاءت دليلا واضحًا وبرهانًا ساطعًا على صدقه صلى الله عليه وسلم.
ولقد أنزل الله القرءان الكريم هدى للناس فهدايته تبدد الظلمات وتمحو الضلالات يقول سبحانه ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ وهو هداية لمن تمسك به قال تعالى ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْءانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ ففيه حل كل معضلة وبيان كل مشكلة يقول سبحانه ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَىءٍ﴾ يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه فليست تنـزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها وتلك الهداية ليست مقصورة على قوم دون غيرهم أو فئة بعينهم بل للناس جميعًا قال تعالى ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.
ولكن في ءاخر الزمان ومن بعد طلوع الشمس من مغربها، حين لا ينفع نفساً إيمانها إن لم تكن ءامنت من قبل وقبل قيام الساعة يقبض الله أرواح المؤمنين ولا يبقى في الأرض إلا شرار الخلق ولا تكون صلاة ولا صيام ولا حجّ ولا صدقة يُرفَعُ القرءانُ إلى السماءِ، يرفع من الصدور والمصاحف، فلا تبقى ءايةٌ من القرءانِ في الصدور ولا في المصاحف في الأرضِ، كما جاء ذلك في عدة ءاثار.
ومن هذه الأحاديث ما رواه الطبراني في المعجم الكبير عَنْ عبد الله بن مَسْعُودٍ قَالَ: " لَيُنْتَزَعَنَّ هذا القرءان من بين أظهركم"، قيل له : يا أبا عبد الرحمن: كيف يُنتزع وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يُسْرَى عليه في ليلة فلا يبقى في قلب عبد ولا مصحف منه شىء، ويصبح الناس كالبهائم " ثم قرأ قول الله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلا﴾ [سورة الإسراء / 86]. قال ابن حجر في فتح الباري ( 13 /16 ) : سنده صحيح.
فأَكْثِرُوا تِلاوَةَ الْقُرْءانِ قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ، فَكَيْفَ بِمَا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ ؟ فإنه يأتي زمان يُسْرَى عَلَى القرءان لَيْلا فَيُصْبِحُونَ مِنْهُ فُقَرَاءَ، وَيَنْسَوْنَ قَوْلَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَيَقَعُونَ فِي قَوْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَشْعَارِهِمْ، وَذَلِكَ حِينَ يَقَعُ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ كما جاء في الآية الكريمة : ﴿وَإِذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجَنا لَهُمْ دَابَةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوْقِنُون﴾ [ سورة النمل / 82]. هذه الدابة تخرج في ءاخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق يخرج الله لهم دابة من الأرض فتكلم الناس على ذلك.
هذا الحدث الْمُخيف يدفع المسلم الصادق إلى المسارعة بالاهتمام بكتاب الله تعلما وحفظا وتلاوة وتدبّرا قبل أن يُرفع هذا القرءان العظيم. وقد قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله في كتاب الوصية: "نقرّ بأن القرءان كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله وصفته، مكتوب في المصاحف مقروء بالألسن محفوظ في الصدور غير حال فيها".
قال ابن رجب في كتاب جامع العلوم والحكم: "أول ما يرفع من العلم، العلم النافع، وهو العلم الباطن الذي يخالط القلوب ويصلحها، ويبقى علم اللسان حجة، فيتهاون الناس به، ولا يعملون بمقتضاه، لا حملته ولا غيرهم. ثم يذهب هذا العلم بذهاب حملته، فلا يبقى إلا القرءان في المصاحف، وليس ثم من يعلم معانيه، ولا حدوده، ولا أحكامه. ثم يسرى به في ءاخر الزمان فلا يبقى في المصاحف ولا في القلوب منه شىء بالكلية، وبعد ذلك تقوم الساعة" كما قال أهل العلم حين لا يبقى على الأرض مؤمن، فيبقى شرار الناس وعليهم تقوم الساعة. نسأل الله أن يثبتنا على دينه، ويرد عنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن .
فهل من وقفة مع القرءان؟! فإنه مازال بيننا لكن ما حظك منه يا عبد الله؟! إن كنت ممن تعمل به فهنيئا لك، فاستمسك به زادك الله علماً وعملا وفهما وإخلاصا، وإن كنت ممن هجره فما زال الوقت وما زال القرءان بين يديك، احفظ واقرأ واعمل عسى أن تنجو به ويكون حجة لك لا عليك. اللهم ارزقنا حفظ كتابك وتدبر ءاياته والعمل به، اللهم اجعله حجة لنا لا علينا.
وهذا من فتن ءاخر الزمان التي قال عنها رسولنا صلى الله عليه وسلم: " بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا " رواه مسلم. نسأل الله أن يثبتنا على دينه ، ويرد عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. نسأل الله العافية والسلامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، من ءايات الساعة، ومن أشراطها القريبة.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا