أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

يأجوج ومأجوج

يأجوج ومأجوج

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ مالكِ يومِ الدينِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ القويُّ المتينُ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولهُ بعثَهُ اللهُ بالهدى واليقينِ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى ءالهِ الطيبينَ الطاهرينَ.
أما بعدُ فقد قالَ تعالى: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً﴾ [الكهف:94].
ثم يأجوجُ ومأجوجُ يمكثونَ خلفَ السدِّ ما شاءَ اللهُ لهم أن يمكثوا، يأكلونَ ويشربونَ ويتناكحونَ فيما بينَهم، كلُّهم يشِبُّونَ، لا يموتُ أحدُهم في الصِّغرِ، اللهُ أعلمُ كم يعيشونَ، الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ما ذكرَ مدةَ عمرِ الشخصِ منهُم إنما ذكرَ أنهُ لا يموتُ أحدُهم حتّى يلدَ ألفًا مِنْ صلبِهِ أو أكثرَ، فيصيرُ عددُهم قبلَ خروجِهم كبيرًا جدًّا، كما وردَ في الحديثِ الذي رواهُ ابنُ حبانَ والحاكمُ والنسائيُّ: "إنَّ يأجوجَ ومأجوجَ مِنْ ولدِ ءادمَ، وإنهم لو أُرسلوا على الناسِ لأفسدوا عليهم معايشَهم، ولن يموتَ منهم أحدٌ إلا تركَ مِنْ ذريتهِ ألفًا فصاعدًا ".
هذا البشرُ كلُّهم بالنسبةِ إليهِم كقطرةٍ في البحرِ، حتَّى إنَّ البشرَ يومَ القيامةِ بالنسبةِ لَهُم من حيثُ العددُ كواحدٍ منْ مائةٍ، ثبتَ في الحديثِ بأنَّـهم تسعُمائةٍ وتسعةٌ وتسعونَ والبشرُ سواهُم كواحدٍ مِنْ ألفٍ. وراءَهُم ثلاثُ أُممٍ منسَك وتاويل وتاريس لا يَعلَمُ عددَهم إلا اللهُ. يأجوجُ ومأجوجُ هُم بشرٌ مِنْ ذريةِ ءادمَ، الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ "مِنْ ولدِ ءادمَ"، أما هؤلاءِ "منسَك وتاويل وتاريس" الرسولُ عليهِ السلامُ قالَ "أممٌ" ما وردَ في الحديثِ أنهم مِنْ ولدِ ءادمَ. اللهُ أعلمُ كيفَ يعيشونَ الآن وماذا يأكلونَ. وما يُروَى من أنَّ يأجوجَ ومأجوجَ ءاذانُهم طويلةٌ ينامونَ على واحدةٍ ويتغطّونَ بالأخرى وأنَّهم قصارُ القامةِ فغيرُ ثابتٍ.
وفي أيّامِهم تحصُلُ مجاعةٌ يمرّونَ على بحيرةِ طبريَّا التِي في فلسطينَ فيشربُونَها، فيمرُّ ءاخرُهم فيقولُ كانَ هنا ماءٌ، الذي ثبتَ في الحديثِ أنهم يستنفذونَ ماءَ بحيرةِ طَبَريا، يُنشفونَها مِنْ كثرتِهم، يُجففونَها هذا ثبتَ، أما أنَّهم يأكلونَ الأخضرَ واليابسَ فليسَ حديثًا.
ثُمَّ عندما ينزلُ المسيحُ عيسى عليهِ السّلامُ مِنَ السماءِ هم ينبهتونَ، ولا يتجرّأُ المسلمونَ لحربِهم، فيذهبُ سيّدُنا عيسى عليهِ السلامُ والمؤمنونَ إلى جبلِ الطُّورِ يدعونَ اللهَ يستغيثونَ بهِ منهم، ويتضرّعونَ إلى اللهِ أن يُهلِكَهم، فيُنزِلُ اللهُ عليهم دُودًا يدخلُ رقبةَ كلِّ واحدٍ منهم فيرميهِ صريعًا ميّتًا، ثُمَّ اللهُ تعالَى يُرسلُ طيورًا فتحملُهم وترميهِم في البحرِ ثُمَّ يُنزلُ مطرًا يجرِفُ ءاثارَهم إلى البحرِ، من غيرِ حربٍ يَهلكونَ، وهؤلاءِ بعدَ أنْ ينزلَ سيّدُنا عيسى بمدّةٍ يظهرونَ إلى المسلمينَ.
وفي قصةِ يأجوجَ وماجوجَ بيانُ عاقبةِ المفسدينَ في الأرضِ، فيأجوجُ ومأجوجُ مِنْ أشدِّ الأممِ إفسادًا في الأرضِ، سلّطَ اللهُ عليهم مَنْ ينفِيهم منها، ويحصرُهم ويسجنُهم خلفَ السدِّ، ويمنعُهم مِنَ الإفسادِ، وأبقاهم مسجونينَ محبوسينَ ءالافَ السنينِ، وما أَذِنَ في خروجِهم إلا ءاخرَ الزمانِ وقُبيلَ فناءِ الدنيا وخرابِها، وفي هذا تحذيرٌ لكلِّ مفسدٍ؛ أنهُ سيُواجهُ عاقبةً وخيمةً في الدنيا والآخرةِ؛ جزاءَ ما كسبتْ يداهُ، قالَ تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة:33]
. كما أكرمَ اللهُ تعالى نبيَّهُ عيسى عليهِ السلامُ ومَنْ معَهُ مِنَ المؤمنينَ حيث أهلكَ يأجوجَ ومأجوجَ بدعائِهِ عليهم، وهذا يُظهرُ لنا أهميةَ الدعاءِ، فهو سلاحٌ قويٌّ في أيدي المؤمنينَ أهلكَ اللهُ بهِ يأجوجَ ومأجوجَ، ولكنْ غفلَ كثيرٌ مِنَ المسلمينَ عن هذا الأمرِ المهمِ.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا