أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

الصعب ذو القرنين

الصعب ذو القرنين

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ مالكِ يومِ الدينِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ القويُّ المتينُ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ بعثَهُ اللهُ بالهدى واليقينِ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى ءالهِ الطيبينَ الطاهرينَ.
أما بعدُ فاتقوا اللهَ تعالى وأطيعوهُ، وتزودوا بالباقياتِ الصالحاتِ فيما بقيَ مِنْ أيامِكم، واعتبروا بما مضى مِنْ أعمارِكم؛ فإنَّ الأمرَ عظيمٌ شديدٌ، وإنَّ الموعدَ ءاتٍ قريبٌ قالَ اللهُ تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَالمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [سورة الشُّورى/17] سبحانَهُ وتعالى أخبرنا عما يقعُ بينَ يدَيِ الساعةِ؛ مما لا سبيلَ إلى العلمِ بهِ إلا بوحيهِ عزَّ وجلَّ لرسولِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فإنَّ العلمَ بذلكَ سببٌ لثباتِ الإيمانِ، وزيادةِ اليقينِ، والاستعدادِ ليومِ الدينِ، وقطعِ حججِ المكذبينَ. وجعلَ سبحانَهُ وتعالى لها أماراتٍ كثيرةً تدلُّ على قربِها، منها أماراتٌ كبرى تكونُ عندَ دُنوِّها.
ومِنْ هذهِ الأماراتِ خروجُ يأجوجَ ومأجوجَ، فيأجوجُ ومأجوجُ هما في الأصلِ قبيلتانِ مِنْ بني ءادمَ مِنَ البشرِ كُلُّهم كفّارٌ كلُّهم للنارِ، مُفسدونَ في الأرضِ، وأمّا مكانُهم فهو محجوبٌ عَنِ النّاسِ في طرفٍ من أطرافِ الأرضِ، اللهُ تعالَى حَجَزَهم عَنِ البشرِ فلا يَراهمُ النّاسُ، فلا هم يأتونَ إلينا ولا نحنُ نذهَبُ إليهم، لا يَخرجونَ إلى هذا البشرِ إلا حينَ يحينُ وقتُهم، الآنَ هم منقطعونَ عَن هذا البشرِ لا هُم في الصينِ ولا في ناحيةِ أمريكا، إنما هُم في ناحيةٍ مِنَ الأرضِ اللهُ أخفاهُم، قالَ تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الانبياء:96].
يخرجونَ بسرعةٍ عظيمةٍ، وجمعٍ كبيرٍٍ لا يقفُ أمامَهم أحدٌ مِنَ البشرِ، ويكونُ هذا الخروجُ علامةً على قُربِ النفخِ في الصورِ، وخرابِ الدنيا وقيامِ الساعةِ، فعن أمِّ المؤمنينَ زينبَ بنتِ جحشٍ زوجِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ورضيَ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ دخلَ عليها يومًا فزعًا يقولُ: "لا إلهَ إلا اللهُ، ويلٌ للعربِ مِنْ شرٍّ قد اقتربَ، فُتِحَ اليومَ مِنْ ردمِ يأجوجَ ومأجوجَ مثلُ هذهِ وحلّقَ بأصبعيهِ الإبهامِ والتي تليها، قالتْ: قلتُ يا رسولَ اللهِ: أنهلكُ وفينا الصالحونَ؟ قالَ: نعم إذا كثُرَ الخبثُ" متفقٌ عليهِ.
الصَّعبُ ذو القرنينِ عليهِ السّلامُ الذي كانَ مِنْ أكابرِ الأولياءِ، بقدرةِ اللهِ تعالَى بنَى سدًّا جبلاً شامخًا مِنْ حديدٍ، ثُمَّ أُذيبَ عليهِ النّحاسُ فصارَ أمتنَ، فحَجَزَ يأجوجَ ومأجوجَ عَنِ البشرِ وحصرَهم فيهِ إراحةً للعبادِ مِنْ شرِّهم ورحمةً للخلقِ مِنْ إفسادِهم، لا يستطيعُ أحدٌ مِنَ البشرِ أن يترقَّاهُ بطريقِ العادةِ، لا يُعرَفُ مكانُهُ، إلى الآنَ قائمٌ لكنَّ اللهَ تعالى يحجبُهُ إلا عنْ بصرِ مَنْ شاءَ لهُ مِنْ عبادهِ، اللهُ تعالى أخفاهُ.
وذو القرنينِ عليهِ السّلامُ اللهُ تعالَى أعطاهُ مِنْ كلِّ شىءٍ سببًا لأنّهُ وليٌّ كبيرٌ مَلَكَ الدُّنيا الشرقَ والغربَ، وردَ في التاريخِ أنَّه حَكَم ألفَي سنة. عربيٌّ هو، لأنَّهُ حكَمَ المشرقَ والمغربَ لذلكَ سُميَ "ذا القرنينِ"، كانتِ الرّيحُ تحملُهُ مِنَ المشرقِ إلى المغربِ. الناسُ المجاورونَ ليأجوجَ ومأجوجَ اشتكوا إليه طلبوا منهُ أنْ يجعلَ بينَهُم وبينَ هاتينِ الأمتينِ سدًّا لا يتجاوزانِهِ، لا يصلانِ إليهم، قالَ تعالى: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ [الكهف:94].
يأجوجُ ومأجوجُ يحاولونَ أن يخترقوا هذا الجبلَ كلَّ يومٍ فلا يستطيعونَ، ويقولونَ كلَّ يومٍ بعدَ طولِ عملٍ وجهدٍ غدًا نُكمِلُ، فيعودونَ في اليومِ القابِلِ فيجدونَ ما فتحوهُ قد سُدَّ إلى أن يقولوا: غدًا نكمِلُ إن شاءَ اللهُ، فيعودونَ في اليومِ القابِلِ فيجدونَ ما بدؤوا بهِ قد بَقِيَ على حَالِهِ فيُكمِلونَ الحفرَ حتى يَتَمَكَّنُوا مِنَ الخروجِ.
عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "يَحْفِرُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَخْرِقُونَهُ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَخْرِقُونَهُ غَدًا"، قَالَ: " فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا مُدَّتَهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَخْرِقُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَثْنَى"، قَالَ: "فَيَرْجِعُونَ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَخْرِقُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ " رواهُ الترمِذيُّ وابنُ ماجهْ

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا