أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

نزول عيسى المسيح عليه السلام

نزول عيسى المسيح عليه السلام

أما بعدُ فقد قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا﴾ [الزخرف: 61] أي أنَّ نزولَ عيسى عليهِ السلامُ قبلَ يومِ القيامةِ علامةٌ على قربِ الساعةِ كما قالَ الإمامُ القرطبيُّ في تفسيرِ هذه الآيةِ، ويدلُّ على ذلكَ القراءةُ الأخرى: ﴿وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ بفتحِ العينِ واللامِ.
وروى أبو داودَ في سننهِ وأحمدُ في مسندِهِ والبيهقيُّ وغيرُهم أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "ليسَ بيني وبينَهُ نبيٌّ ـ يعني عيسى عليهِ السلامُ ـ وإنهُ نازلٌ، فإذا رأيتموهُ فاعرِفوهُ، رجلٌ مربوعٌ أي قامتُهُ ربْعَةٌ أي متوسطةٌ، إلى الحمرةِ والبياضِ، بينَ مُمَصَّرَتينِ كأنَّ رأسَهُ يقطُرُ وإنْ لَم يُصِبْهُ بللٌ"
ثم إنَّ المسيحَ عليهِ السّلامُ عندما ينزلُ منَ السّماءِ تكونُ هيئتُهُ هيئةَ ثلاثٍ وثلاثينَ سنةً، وإلا هو أخذَ زمانًا طويلًا ولم يـَمُتْ بعدُ لكن سيموتُ بعدَ أن ينزلَ. روى مسلمٌ أنهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: "ينزلُ عندَ المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دمشقَ بينَ مَهْرُودَتَينِ واضعًا كفَّيهِ على أجنحةِ ملكينِ".
عندما ينزلُ عليهِ السلامُ ينزلُ ويداهُ على أجنحةِ مَلكينِ، مع أنَّهُ لو لـَم يضَعْ يدَهُ على ملكينِ منَ الملائكةِ اللهُ تعالى أعطاهُ مقدرةً مِنْ غيرِ أنْ يحصلَ لهُ ضررٌ أن ينزلَ على الأرضِ، لكن إكرامًا لهُ ينزلُ واضعًا يديهِ على ملكينِ مِنْ ملائكةِ اللهِ.
ينزلُ عليهِ السلامُ عندَ المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دمشقَ كما ذَكَر رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، هناك ينزلُ ثم يَتوجَّهُ إلى فلسطينَ، مع أنَّهُ في ذلكَ الوقتِ هذه المنارةُ لَم تكن موجودةً شرقيَّ دمشقَ، أمَّا الآنَ فهي موجودةٌ كما وَصَفَها رسولُ اللهِ، والمنارةُ هي بِمَعنَى عمودِ النُّورِ وقد عُمِلَ عمودُ نورٍ للمطارِ الجديدِ شرقيَّ دمشقَ.
ثُمَّ إنَّ المسيحَ عندما ينزلُ يلتقي مع المهديِّ في بلادِ الشّامِ؛ لأنَّ المهديَّ يكونُ في ذلكَ المكانِ الذي يكونُ فيهِ، والشامُ ليست سوريا فقط بل لبنانُ والأردنُّ وفلسطينُ كلُّ هذا شَامٌ. وحدُّ الشامِ من العريشِ إلى بَالِس.
يحكمُ عليهِ السلامُ بشريعةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يأتي بشرعٍ جديدٍ أو دينٍ مستحدَثٍ، روى الحاكمُ في المستدركِ منْ حديثِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: "ليهبِطنَّ عيسى ابنُ مريمَ حكمًا مُقْسطًا، ولَيَسلُكَنَّ فجًّا حاجًّا أو معتمرًا وليأتينَّ قبري حتى يُسَلِّمَ عليَّ، ولأردنَّ عليهِ". ويكونُ حاكمًا مِنْ حكامِ المسلمينَ ومجدِّدًا لأمرِ الإسلامِ ينزلُ وقد علَّمَهُ اللهُ هذه الشريعةَ ليعملَ بها ويُحكّمَها بينَ الناسِ، ومما يُؤكِّدُ ذلك صلاتُهُ معَ المسلمينَ، وحجُّهُ عليهِ السلامُ.
وأما زمانُهُ عليهِ السلامُ فزمانُ رخاءٍ وأمنٍ وسلامٍ، يُرسلُ اللهُ فيهِ المطرَ وتُخرجُ الأرضُ ثمرتَها وبركتَها، ويَفيضُ المالُ، وتَذهبُ الشحناءُ والتباغضُ والتحاسدُ، حتى يلعبَ الأولادُ بالحياتِ والعقاربِ فلا تضرُّهم، ويَنعدمُ القتالُ وتُنبتُ الأرضَ نبتَها. قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: " وأنا أولى الناسِ بعيسى ابنِ مريمَ لأنهُ لم يكنْ بيني وبينَهُ نبيٌّ وإنهُ نازلٌ؛ فيُهلكُ اللهُ في زمانهِ المسيحَ الدجالَ، وتقعُ الأَمَنَةُ على الأرضِ حتى تَرتعَ الأسودُ معَ الإبلِ، والنمارُ مع البقرِ، والذئابُ مع الغنمِ، ويلعبُ الصبيانُ بالحياتِ لا تضرُّهم" رواهُ أحمدُ وصحَّحَهُ ابنُ حجرٍ.
ما أجملَ ساعاتِ الفرجِ بعدَ الكربِ، وما أجملَ الأمنَ بعدَ الخوفِ مِنْ فسادِ الدجالِ وفتنتهِ العظيمةِ وظلمهِ الكبيرِ، بل ما أعظمَها مِنْ كرامةٍ أن يرى المسلمونَ نبيًّا مِنْ أنبياءِ اللهِ ورسولًا مِنْ أُولي العزمِ مِنَ الرسلِ الكبارِ حيًّا يُرزقُ بينَهم يُكلمونَهُ ويُجالسونَهُ ويَرونَ جمالَهُ بينَ أيدِيهم ويكونُ قائدًا لهم في حياتِهم.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا