أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان

لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ لهُ النعمةُ ولهُ الفضلُ ولهُ الثناءُ الحسنُ وصلواتُ اللهِ البرِّ الرحيمِ والملائكةِ المقربينَ على سيدِنا محمدٍ أشرفِ المرسلينَ وعلى ءالهِ الطيبينَ الطاهرينَ.
أما بعدُ فمن علاماتِ الساعةِ وأشراطِها أنْ يتقاربَ الزمانُ، وهذا يشعرُ بهِ العقلاءُ مِنَ الناسِ الذينَ يعرفونَ قيمةَ الوقتِ وضرورةَ الحرصِ عليهِ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:" لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ" رواهُ البخاريُّ.
وأقربُ معنى يدلُّ عليهِ الحديثُ، هو تفسيرُ تقاربِ الزمانِ بسرعةِ طيِّ الوقتِ، وانصرامِ الأيامِ والشهورِ والسنواتِ، حتى ليُخَيَّلُ لصاحبِها وكأنَّها دقائقُ معدوداتٌ، وسُوَيعاتٌ محسوباتٌ.
ولقد روى أحمدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قـالَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ " وهو احتراقُ جريدةِ مِنَ النخيلِ. ما معنى قولهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "حتى يتقاربَ الزمانُ"؟ هو قصرُ الزمانِ وسرعتُهُ سرعةً حقيقيةً كما سمعتُم في الحديثِ تكونُ السنةُ كالشهرِ، تمضي عليكَ السنةُ ولم تفعلْ شيئًا، ولم تُنجِزْ عملًا يُذكرُ، كأنهُ شهرٌ، والشهرُ تقلُّ بركتُهُ، فيصيرُ كالأسبوعِ، والأسبوعُ كاليومِ، واليومُ كالساعةِ، والساعةُ كاحتراقِ السَّعَفَةِ، كم يستغرقُ وقتُ احتراقِ السَّعَفَةِ؟ بضعُ دقائقَ، وذلكَ في ءاخرِ الزمانِ وهذا لم يقعْ إلى الآنَ. ويُؤيدُ ذلكَ ما جاءَ أنَّ أيامَ الدجالِ تطولُ حتى يكونَ اليومُ كالسنةِ وكالشهرِ وكالجمعةِ في الطولِ، فكما أنَّ الأيامَ تَطُولُ فإنها تَقصُرُ. مع أنَّ للعلماءِ أقوالًا في المرادِ بتقاربِ الزمانِ منها:
أنَّ المرادَ بذلكَ قلةُ البركةِ في الزمانِ. قالَ ابنُ حجرٍ:" وقد وُجِدَ في زمانِنا هذا، فإننا نجدُ مِنْ سرعةِ مَرِّ الأيامِ ما لم يكنْ نجدُهُ في العصرِ الذي قبلَ عصرِنا هذا". وقالَ أبو سليمانَ الخطابيُّ: "معناهُ قِصرُ زمانِ الأعمارِ وقلةُ البركةِ فيها".
وأما ابنُ أبي جمرةَ فقالَ: يحتملُ أن يكونَ المرادُ بتقاربِ الزمانِ قِصرَهُ على ما وقعَ في حديثِ: "لا تقومُ الساعةُ حتى تكونَ السنةُ كالشهرِ". ونحوُهُ قالَهُ السيوطيُّ في "‏الحاوي للفتاوي" (1/44)، فإنه قالَ في معنى الحديثِ: "قيلَ هو على حقيقتهِ نقصٌ حسيٌّ، وأنَّ ساعاتِ النهارِ والليلِ تنقصُ قربَ قيامِ الساعةِ". الوقتُ هو عمرُ الإنسانِ، الوقتُ أغلى مِنَ الدرِّ والياقوتِ إن لم تشغلْهُ في طاعةِ اللهِ كلمحِ البصرِ يفوتُ.
عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قال: أَخَذَ رسولُ اللهِ بِمَنْكِبِيَّ فَقَالَ: "كُنْ في الْدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيْلٍ".
وكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُوْلُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتَكَ لِمَوْتِكَ. رواهُ البخاريُّ. اتقِ اللهَ في السرِّ والعلانيَةِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا تخفى عليهِ خافيةٌ، وتذكَّرْ أنكَ في رحيلٍ عنْ هذهِ الدنيا الزائلةِ الفانيةِ، فإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساءَ، وإذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ، وخذْ مِنْ صحتِكَ لسقَمِكَ، ومِنْ حياتِكَ لموتِكَ، فمَنْ عرفَ قدرَ الآخرةِ هانَ عليهِ التعبُ، فمن عَرَفَ ما يَطْلُبُ هانَ عليهِ ما يَبْذُلُ.
وتذكَّرْ أنهُ قد مضى أمسُكَ وعسى غدًا لغيرِك، يقولُ ربُّ العزةِ في محكمِ التنْزيلِ: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة/ 281].
اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا، اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ، اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا