أشراط الساعة

قال الله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ سورة محمد الأية 18

أشراط الساعة

ظهور المهديّ عليه السلام

ظهور المهديّ عليه السلام

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ والعاقبةُ للمتقينَ وصلى اللهُ على سيدِنا محمدٍ سيدِ المرسلينَ وعلى ءالهِ وصحبهِ الطيبينَ الطاهرينَ.
أما بعدُ فقد قالَ اللهُ تعالى: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ [محمد:18]. لقد جعلَ اللهُ عزَّ وجلَّ للساعةِ علاماتٍ تدلُّ على قربِها وانتهاءِ هذه الحياةِ الدنيا، ولا أحدَ يعلمُ متى تقومُ القيامةُ على التحديدِ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وهي مِنَ الغيبِ الذي استأثرَ اللهُ بعلمِه ولم يُطلِعْ عليهِ أحدًا حتى الرسولَ محمدًا صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلاْرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان:34].
من أبرزِ علاماتِ القيامةِ الصغرى ومِنْ ءاخرِها ظهورُ المهديِّ، وهو مِنْ ءالِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، اسمُهُ كاسمهِ واسمُ أبيهِ كاسمِ أبيهِ، وإنهُ يأتي ليملأَ الأرضَ عدلًا ورحمةً كما مُلئتْ جورًا وظلمًا. وأحاديثُ المهدي متواترةٌ تواترًا معنويًا، والتواترُ المعنويُّ يُشبِهُ التواترَ الحقيقيَّ الذي هو إتفاقُ جمعٍ كثيرٍ لا يمكنُ عادةً تواطؤهُم على الكذِبِ.
ففي الحديثِ الصّحيحِ الذي رواهُ ابنُ حبّانَ في صحيحِهِ واللفظُ لهُ، وأبو داودَ في سننِهِ والترمذيُّ في جامعهِ والحاكمُ في المستدركِ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنّهُ قالَ: "لا تقومُ السّاعَةُ حتّى يملكَ الناسَ رجلٌ مِنْ أهلِ بيتي يُواطئُ اسمُهُ اسمي واسمُ أبيهِ اسمَ أبي فيملؤها ـ أي الأرضَ ـ قِسطًا وعدلًا".
فالمهديُّ عليهِ السلامُ مِنْ أهلِ البيتِ اسمُهُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ وهو حسنيٌّ أو حسينيٌّ مِنْ ولدِ فاطمةَ رضيَ اللهُ عنها، لكنِ الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ما ذكرَ أنَّ جدَّهُ اسمُهُ كذا وكذا، إنما قالَ عنهُ: "مِنْ أهلِ بيتي". ويجوزُ أن يَظهرَ في أيامِنا هذهِ لكن لا يجوزُ أن نحدِّدَ متى يَظهرُ، الرسولُ ما عيّنَ وقتًا لا لخروجِ المهدي ولا لنزولِ المسيحِ عيسى من السماءِ ولا لقيامِ الساعةِ، وليسَ لنا أن نحدِّدَ ونعيِّنَ، إنما علينا أن نؤمنَ أن هذا الشىءَ لا بدَّ منهُ، نجزمُ بذلكَ جزمًا بلا ترددٍ. اللهُ تعالى أخفاها عن خلقهِ لحكمةٍ وذلكَ حتى يظلَّ الإنسانُ المؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ مستعدًا للآخرةِ، ولا يقولَ أنغمسُ فيما تشتهيهِ نفسي منْ حلالٍ وحرامٍ إلى سنةِ كذا ثم عندما يبقى كذا مِنَ الزمنِ أتوبُ.
وقد وَرَدَ في الأثرِ أنهُ يسيرُ معهُ في أوّلِ أمرِهِ مَلكٌ يُنادي:"يا أيّها النّاسُ هذا خليفةُ اللهِ المهديُّ فاتّبعوهُ"، حين يظهرُ المهديُّ يكونُ ملكٌ فوقَ رأسهِ يقولُ: "هذا خليفةُ اللهِ المهدي فاتبعوهُ" فهو الذي يُنَفِّذُ حكمَ اللهِ بينَ العبادِ.
وَوَرَدَ في الأثرِ أيضًا أن المهديَّ أوّلَ ما يخرجُ يخرجُ من المدينةِ ويخرجُ معه ألفٌ من الملائكةِ يمدُّونَهُ ثُمَّ يذهبُ إلى مكةَ وهناكَ ينتظرهُ ثلاثُمائةٍ مِنَ الأولياءِ هم أوّلُ مَنْ يبايعهُ، ثُمَّ يخرجُ جيشٌ لغزوهِ فيخسِفُ اللهُ بذلكَ الجيشِ الأرضَ فيما بينَ مكةَ والمدينةِ، بعدَ ذلكَ يأتي إلى بَرِّ الشامِ.
وفي أيّامِ المهديِّ تحصُلُ مجاعَةٌ لسنواتٍ كما صحَّ ذلكَ في الحديثِ، والمؤمنُ الكاملُ في ذلكَ الوقتِ يشبعُ بالتّسبيحِ والتّقديسِ أي بذكرِ اللهِ وتعظيمِهِ.
يأتي هذا الرجلُ بعدَ طولِ انتظارٍ فضلًا منَ اللهِ تباركَ وتعالى على عبادهِ عسى أن يتوبوا، وإمهالًا لهم لا إهمالًا؛ ليميزَ الخبيثَ منَ الطيبِ، وليحيا مَنْ حيَّ عن بينةٍ، وليهلِكَ منْ هلكَ عن بينةٍ.
هذا الرجلُ هو المهديُّ، وسيظهرُ في ءاخرِ الزمانِ، وسيملأُ الأرضَ قسطًا وعدلًا بعدَ أن مُلئتْ ظلمًا وجورًا، ويُؤيدهُ اللهُ ويَنصرُهُ على أعدائهِ أعداءِ الإيمانِ، ويعيشُ المسلمونَ في عهدهِ في أمانٍ وسَعةٍ مِنَ الرزقِ، وهو أحدُ الخلفاءِ الراشدينَ والأئمةِ المهديينَ، فهو رجلٌ هداهُ اللهُ للهدى وثبَّتَهُ عليهِ وأيدَهُ بجُندٍ مِنْ عندهِ.
أسألُ اللهَ أن يجعلني وإياكُم جميعًا ممن يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنَهُ، اللَّهُمَّ يا ربّنا إنّا دَعَوْناكَ فاستجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فاغفِرِ اللّهُمّ لنا ذُنُوبَنَا وإسْرَافَنَا في أمْرِنَا وَكَفِّرْ عنّا سيّئاتِنَا وَتَوَفَّنَا بِرَحمتِكَ مُؤمنينَ يا ربَّ العالمينَ.

لمشاهدة فيديوهات "أشراط الساعة" اضغط هنا