فقال لها الملكُ مبلغًا عن اللهِ: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ﴾ اخْتَارَكِ ﴿وَطَهَّرَكِ﴾ مِنْ ملامسةِ الرجالِ ﴿وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)﴾ أي فضّلَكِ على نساءِ البشرِ، كانَتْ مريمُ عليها السلامُ تَعْبُدُ اللهَ تَعالى وتَقومُ بِخِدْمَةِ المسْجِدِ ولا تَخْرُجُ مِنْهُ إلا في زمَنِ حَيْضِها أو لِحاجَةٍ ضَرورِيَّةٍ لا بُدَّ مِنْها. وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ" ومعنى الحديثِ ما وصلَ نهايةَ الكمالِ الذي يجوزُ للنساءِ أن يصلنَ إليهِ إلا هؤلاءِ الأربعةُ، ومن سوى الأربعةِ كمالُهُن ليسَ إلى ذلكَ الحدِّ لكنْ فيهِنَّ كاملاتٌ كثيرٌ. كما يَتضمَّنُ هذا الحديثُ فضْلَ مريمَ ابنةِ عِمرانَ، وءاسيةَ امرأةِ فرعونَ، وعائشةَ أُمِّ المؤمنينَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. فمريمُ عليها السلامُ أفضلُ النساءِ اللآتي قبلَها واللآتي في زمانِها واللآتي سيأتينَ إلى هذه الأمةِ إلى يومِ القيامةِ، هذا القولُ الصحيحُ.