الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تحبّ الخير للغير

الْأفْضَلُ لَكَ أَنْ تُحِبَّ الْخَيْرَ لِلْغَيْرِ

قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: ﴿إِنَّـمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [سورة الحجرات/10] وَرَوَى الشَّيْخَانِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رَحِمَهُمَا اللهُ عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" مَعَنَاهُ لَا يُؤْمِنُ الْإيـمَانَ التَّامَّ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَقْدْ نَقَصَ إيـمَانُهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ فَأَشْـمَلُ وَأَعَمُّ قَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: "لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ للنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ". مَعْنَى الْحَديثِ ينبغي أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرَهِ مَا هُوَ خيرٌ حَتَّى الكُفَّارُ يَنْبَغِي أَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يَنْفَعُهُم وَهُوَ أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ اللهِ وَأَنْ يَكُفُّوا عَمَّا يُسْخِطُ اللهَ مِنَ الْمَعَاصِي فَلَا نُسَاعِدُهُم عَلَى الْمَعَاصِي، نَحْنُ نُـحَاوِلُ أَنْ نَـمُدَّ لَـهُمْ يَدَ الْـخَيْرِ فَإِنْ لَـمْ يَفْعَلُوا نَحْنُ سَلِمْنَا مِنْ عَاقِبَةٍ أَعْمَالـِهِم وَأَجْرُنَا بسَعْيِنَا لَـهُمْ بِالْعَمَلِ فِي الْخَيْرِ، أَمَّا لِلْمُسْلِمِ فَالْبَابُ أَوْسَعُ يُحِبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ مَرْضِيًّا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى نَاجِيًا مِنْ عَذَابِ اللهِ فِي قَبْرِهِ وَفِي ءَاخِرَتِهِ. الْإِنْسَانُ الْعَاقِلُ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللهِ مَرْضِيًّا غَيْرَ مَسْخُوطٍ عَلَيْهِ وَنَاجِيًا فِي الْآخِرَةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ مُقِيمًا فِي رَحْمَةِ اللهِ. فَمِنْ صِفَةِ الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْـخَيْرَ كَمَا يُـحِبُّ لِنَفْسِهِ وَيَكْرَهَ الشَّرَّ لِأَخِيهِ كَمَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ، فَمَنْ أَرَادَ الْإيمَانَ الْكَامِلَ فَهَذَا سَبِيلُهُ وَالَّذِي يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ مُخَالَفَةُ النَّفْسِ فِي هَوَاها، وتَـحَمُّلُّ الْأَذَى مِنَ الْغَيْرِ وَدَفْعُ الشَّخْصِ أَذَاهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ السَّبِيلُ الْمُوصِلُ إِلَى ذَلِكَ. وَيُؤكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ مـَحَبَّةَ الْـخَيْرِ لِلْآخَرِينَ مِنْ عَلامَاتِ كَمَالِ الْإيمَانِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ: "أَحِبَّ للنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا". كَمَا يُـحَبُّ الْوَاحِدُ مَنَّا أَنْ يُعَامِلَهُ النَّاسُ بالصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ وَالْأمَانَةِ فَلْيُعَامِلْ هُوَ النَّاسَ بِذَلِكَ، وَمَنْ أَرَادَ الْوُصُولَ لِلْمَعَالِي فَعَلَيْهِ بِقَهْرِ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ عَامِلًا بِـهَذَا الْحَدِيثِ فَيَكُونَ مِنْ أهْلِ الدَّرَجَاتِ الْعُلْيَا وَالْمَقَامَاتِ السَّنِيَّةِ. رَوَى أَحْمَدُ رَضِيَ اللهُ عَنْه عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ أفْضَلِ الْإيمَانِ؟ فَقَالَ: "أَفْضَلُ الْإيمَانِ أَنْ تُحِبَّ للهِ، وَتُبْغِضَ للهِ، وَتُعْمِلَ لِسَانَكَ فِي ذِكْرِ اللهِ" قَالَ: وَمَاذَا يا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أَنْ تُحِبَّ للنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، وَأَنْ تَقُولَ خَيْرًا أَوْ تَصْمُتَ" فَحَرِيٌّ بِنَا أَنْ نُوَطِّنَ أَنْفُسَنَا عَلَى مَـحَبَّةِ الْخَيْرِ للآخَرِينَ، وَأَنْ نَحْرِصَ عَلَى إِيصَالٍ النَّفْعِ لَـهُمْ. وَالْحَمْدُ للهِ أَوَّلًا وءَاخِرًا وَظاهِرًا وَبَاطِنًا وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَءالِهِ وَصَحْبِهِ.

لمشاهدة فيديوهات "الأفضل لك" اضغط هنا