الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن لا تزدري نعمة الله عليك

الأفضل لك أن لا تزدري نعمة الله عليك

رَوَى الطَّبَرَانيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ، وَلا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرِيَ نِعْمَةَ اللهِ عِنْدَكَ».
مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، أَيْ إِلَى مَنْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ فِي الرِّزْقِ وَقُوَّةِ الْجِسْمِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ نَظَرُهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ يَكُونُ ذَلِكَ مُسَاعِدًا لَهُ عَلَى شُكْرِ اللهِ تَعَالَى عَلَى مَا أَوْلَاهُ مِنَ النِّعَمِ.
هَذَا فِي أُمُورِ الدُّنْيَا الرِّزْقِ وَصِحَّةِ الْجِسْمِ، أَمَّا فِي أُمُورِ الدِّينِ فَالْمَطْلُوبُ مِنَ الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فِي الدِّيْنِ حَتَّى يَتَرَقَّى فِي الدِّينِ فَيَكُونَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنَ الَّذِينَ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عَالِيَةٌ، وَقَدْ يَجُرُّ الْإِنْسَانَ النَّظَرُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يَسْعَى فِي تَكْثيرِ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْحَرَامِ حَتَّى يَبْلُغَ مَرْتَبَةَ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ مَالًا فَيَهْلِكُ، يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِـهَلَاكِهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ أَنْبِيَاءَ اللهِ وَأَوْلِيَاءَ اللهِ لَا يُعَلِّقُونَ قُلُوبَهُمْ بِالدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يُعَلِّقُ قَلْبَهُ بِالدُّنْيَا يَهْلِكُ، يَنْجَرُّ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ، إِلَى الْكَبَائِرِ.
كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ غَنِيٌّ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ وَلَهُ ابْنُ أَخٍ، هَذَا ابْنُ أَخِيهِ مُتَعَلِّقٌ قَلْبُهُ بِالْمَالِ، اسْتَغْرَقَ قَلْبُهُ فِي حُبِّ الْمَالِ، فَفَكَّرَ كَيْفَ يَصِلُ إِلَى مَالِ عَمِّهِ هَذَا حَتَّى يَتَنَعَّمَ بِهِ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى بَابِ أُنَاسٍ لَيْسَ لَـهُمْ عَلَاقَةٌ بِـهَذِهِ الْـجَرِيـمَةِ، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ قَتَلُوا عَمِّي. فَهَؤُلَاءِ ثَارُوا، وَعَشِيرَةُ هَذَا الَّذِي لَمْ يَعْلَمُوا بِحَالِهِ أَيْضًا ثَارُوا، فَصَارَ يَحْدُثُ بَيْنَهُمُ الْقِتَالُ. ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: فِينَا نَبِيُّ اللهِ، لَا نَتَقَاتَلُ بَلْ نَرْجِعُ إِلَيْهِ. فَأَخْبَرُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالقِصَّةِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى أَنْ يَأْمُرَهُم بِذَبْحِ بَقَرَةٍ، قَالَ لَهُمْ: تَذْبَحُونَ هَذِهِ البَقَرَةَ فَتَضْرِبُونَ هَذَا القَتِيلَ بِبَعْضٍ مِنْهَا، بِـجُزءٍ مِنْهَا، فَفَعَلُوا، فَأَحْيَا اللهُ هَذَا القَتِيلَ الْمَيْتَ فَنَطَقَ قَالَ: "قَتَلَنِي ابْنُ أَخِي". إِلَى هَذَا الحَدِّ يُوصِلُ حُبُّ الْمَالِ، التَّعَلُّقُ بالْمَالِ إِلَى هَذَا الحَدِّ وَأَشَدَّ مِنْ هَذَا، لِذَلِكَ الرَّسُولُ أَوْصَى بِأَنْ يَنْظُرَ الْمُسْلِمُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ فِي أُمُورِ الْمَعِيشَةِ، فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ.
اللَّهُمّ حَسِّنْ أَعْمَالَنَا وَاغْفِرْ ذُنُوبَنَا وَارْزُقْنَا التَّوْبَةَ النَّصُوحَ وَءَاخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

لمشاهدة فيديوهات "الأفضل لك" اضغط هنا